وصف جميعه بأنه محكم فليس المراد به ما قدمناه ، وإنما (1) أريد به أنه تعالى أحكمه فى باب الإعجاز والدلالة على وجه لا يلحقه خلل ، ووصف جميعه بأنه متشابه ، المراد به أنه سوى بين الكل فى أنه أنزل على وجه المصلحة ودل به على النبوة ؛ لأن الأشياء المتساوية فى الصفات المقصود إليها يقال فيها متشابهة. فإذا صح ذلك لم يطعن ما ذكره السائل فيما قدمنا ذكره من حقيقة المحكم والمتشابه.
** 8 مسألة :
متشابها ، وما أنكرتم أن الصلاح فى أن يجعله كله محكما ، وأن فى المتشابه فسادا ؛ لأنه يؤدى إلى الجبر فى الدين ، ولو كان عز وجل قد بين المراد بالجميع على حد (2) واحد ولم يجعل فى ظاهره (3) ما يشبه التناقض لكان أقرب إلى البصيرة وزوال الشكوك ، وإلى أن لا يدل ظاهره إلا على الحق. وهذا ينقض ما ذكرتموه من أنه عز وجل يخاطب العباد لنفعهم وصلاحهم ، لأن المتعالم ممن يقصد بخطابه إفهام المخاطب أن يقبح منه ألا يجلى مراده إذا أمكنه ذلك ، ومتى لبس مراده وأوقع خطابه محتملا كان ذلك ناقضا لما قصده ، فكيف (4) يصح أن يكون عز وجل قد أراد إفهام المكلف بما أنزله من القرآن ، وأن يجعله بيانا وشفاء وهدى ورحمة ، وجعله مع ذلك مشتبها ملتبسا وهو قادر على أن يجعله واضحا جليا لا يشتبه على أحد من السامعين!؟
وبعد ، فلو حسن من المخاطب أن يخاطب تارة بالمحكم وتارة بالمتشابه ،
صفحه ۲۱