فإن قال : فإذا كان المتشابه بانفراده لا يعرف المراد منه فيجب أن يكون عبثا!!
قيل له : إنه إذا أمكن أن يعرف المراد به وبغيره معا فقد اختص بوجه فى (1) الحكمة ، لأنه لا يمتنع أن يكون الصلاح فى بعض الأدلة أن يستقل بنفسه فيعرف المراد به بانفراده ، وفى بعضها أن لا يعرف المراد به إلا مع غيره ، ألا ترى أن العادة قد جرت أنا نعلم المدركات الواضحة بالإدراك ، ولا نعلم بالأخبار ما تتناوله إلا إذا تكررت ، وكذلك المدركات إذا غمضت. فإذا جاز اختلاف المصالح فيما يفعله تعالى من هذه العلوم ، ففيها ما يفعله تعالى ابتداء. وفيها ما يفعله عند سبب واحد ، وفيها ما يفعله عند سبب واحد ، وفيها ما يفعله عند أسباب بحسب ما يعلم من الصلاح فكذلك ما يكلفناه عز وجل من العلوم لا يمتنع أن تختلف المصلحة فيه ، على ما بيناه فى المحكم والمتشابه. على أنا قد بينا أن المحكم أيضا يحتاج إلى مقدمات ليصح أن يعرف به المراد ، فإن (2) كان ما قاله السائل يقدح فى المتشابه فيجب أن يقدح فى إثبات المحكم ، وفساد ذلك (3) ظاهر.
** 6 مسألة :
بعض الوجوه ، كالمحكم ، وإن كان للمحكم المزية فى هذا الباب ، فبينوا المتشابه بحد يفصل بينه وبين المحكم ، وقد خالفكم فيه كثير من العلماء ، ففيهم من قال : إن المتشابه هو المنسوخ ، والمحكم هو الناسخ. وفيهم من قال : إن المحكم هو الفرائض والوعد والوعيد ، والمتشابه هو القصص والأمثال
صفحه ۱۸