رأى العين ، وإلا فقد ثبت أنهم أعزاء (1)، وأنه تعالى أمر بتعظيمهم ، والرفع من أقدارهم ، فلا يصح إطلاق هذه الكلمة فيهم.
وقوله تعالى : ( فاتقوا الله لعلكم تشكرون ) يعنى : لكى تشكروا ، وذلك يدل على أنه تعالى أراد من جميعهم الشكر على ما تقدم ذكره (2).
ثم يقال للقوم ؛ يجب على قولكم ألا يكون لما فعله تعالى من إمدادهم بالملائكة ونصرتهم لهم بهذا الوجه فائدة ؛ لأنه إن فعل فى العدو الهزيمة فوجودهم كعدمهم ، وإن لم يفعل ذلك فكمثل. فأى فائدة فى هذا الفعل من الله تعالى؟ وكذلك القول فى سائر وجوه النصرة ، إنه على قولهم لا فائدة فيه.
ويجب فى التحقيق أن يكون تعالى أنزل الملائكة وفعل سائر وجوه النصرة لكى يخلق فى المؤمنين الظفر وفى المشركين الهرب ، وهو تعالى قادر على ذلك على كل حال ، فيجب أن يكون ذلك عبثا.
123 وقوله تعالى بعد ذلك. ( وما النصر إلا من عند الله ) (3) يجب أن يحمل على ما قلناه ، وفيه من الفائدة أن يبين أن الواجب عليهم الانقطاع إلى الله تعالى وطلب النصرة « من قبله (4) وأن يعلموا أنهم إذا لزموا الطاعة وطريقة الاستقامة فهو سينصرهم لا محالة ، وقد بينا من قبل أن وقوع الغلبة بالمؤمن لا يخرجه من أن يكون منصورا (5)، من حيث يستحق الثواب ويؤديه ذلك إلى منافع ، ولا يخرج العدو من أن يكون مخذولا ، من حيث يستحق العقاب العظيم الذى يصغر بالإضافة إليه ما لحق قلبه من السرور بالغلبة.
صفحه ۱۵۸