وبعد ، فقد بين تعالى من (1) بعد بقوله : ( لا ينال عهدي الظالمين ) (2) أن الإمامة يستحقها من ليس بظالم ، ولو كان لا اختيار للعبد ، كان الظالم وغيره بمنزلة فى أن لا تأثير لقولهما فيما يختاره القديم تعالى « فى العباد (3)، وإنما يختلف حالهما إذا كان العبد يختار ، فمتى كان النبى والإمام مختصا بالطهارة والنزاهة كان المدعو إلى القبول أقرب ، وإذا كان ظالما فى حال ، كان أبعد من القبول ، وهذا يقتضى أن العبد مختار لفعله ، ويتصرف فيه بحسب دواعيه ، ولو كان ما به صار إماما من فعله ، لم يمتنع فى الكلام أن يقال : إن الله جعله كذلك ، إذا فعل المقدمات التى عندها (4) اختص به ، كما يقول الوالد لولده إذا تأدب : إنى صيرتك أديبا ، إذا فعل به أسباب التأديب ، على ما قدمناه (5).
** 53 مسألة :
المسلم ، فقال (7): ( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ) [128] وهذا يدل على أنه الجاعل المسلم مسلما ، والمؤمن مؤمنا.
والجواب عن ذلك : أن ظاهر الكلام يقتضى أن المراد بهذا الإسلام الاستسلام والانقياد ، من حيث أضافه إليه تعالى ؛ لأنه لا يقال فى الإسلام الذى يراد (8) به العبادات أن فاعلها مسلم لله تعالى ، فهذا التقييد ينبئ عما
صفحه ۱۱۰