قال: أتعلمين كيف استقبلت هذا الفتى حين جاء لي خاطبا؟
قلت له: إن رجاءك بقبولي يدل على أنك سكران أو مجنون. فإن هذا الرجل غير كفء لك. - إني أحبه يا أبي. - آمرك ألا تفتكري به، واحذري أن تقابليه أو تكلميه.
فلم تلح؛ إذ وجدت ألا فائدة من الالتحام، ودخلت إلى غرفتها فجعلت تبكي كل الليل.
وعند الصباح جاءها أحد الرعاة برسالة من جان قال فيها:
أحبك، وأنا حزين، فكيف أنت؟
فأجابته مع الرسول نفسه:
أحبك وسأحبك مدى الحياة، إنك حزين أما أنا فأبكي.
وقضت عدة أسابيع لم يدن جان في خلالها من قصر مرسلين كي لا يثير الظنون في صدر أبيها، ولكنه كان يراسلها في كل يوم، ثم أخذ يراقب الكونت، فإذا علم أنه برح القصر جاء متلصصا إلى مرسلين، وأقام معها بضع ساعات يوهمها أنه صادق في هواه، ويعبث بقلبها الطاهر، إلى أن وثق بأنها باتت له، فلم يكترث للأخطار وسقطت تلك الحمامة بين براثن ذلك البازي، فأصبح جان واثقا أن أباها لم يبق بد له من الموافقة على زواجه بابنته بعد أن يقف على الحقيقة.
وقد اتفق يوما أن الكونت وجان كانا يتنزهان على جواديهما في البراري، فالتقيا صدفة، ودنا جان منه فقال له فجاءة: هل تمعنت يا سيدي الكونت؟
فدهش الكونت لجرأته وقال له: وأنت هل بقي لك شيء من الأمل؟ - إذن إن رفضك جازم لا رجوع فيه! - هو ذاك، فلا تحلم بمصاهرتي يا بني وارجع إلى إغواء الفلاحات حسب عادتك، أما مرسلين فهي أرفع من أن تصل إلى مقامها.
صفحه نامشخص