قال أظن أني سأصفح، ولكن ذلك لا يكون قبل اجتماعي ببنتك.
فمسحت دموعها وقالت له: أستودعك الله.
قال: إلى اللقاء القريب.
وقد خرجت وهي في أشد حالات الاضطراب، بحيث إنها لم تر رجلا كان مختبئا وراء الستائر.
أما هذا الرجل فإنه حين رآها خرجت من القاعة خرج من مكمنه، وقال: إنها مرسلين دي مونتكور! وإن الدكتور جيرار ولدي! فما هذا الاكتشاف؟! وكان هذا الرجل جان داغير يتنصت من وراء الباب وقد سمع كل الحديث. - ولما خرج من مكمنه خرج بوفور أيضا من غرفته والتقى الاثنان وجها بوجه، فجعل كل منهما ينظر إلى صاحبه وشفتاه ترتجفان إلى أن بدأ بوفور الحديث فقال له: أرأيت هذه المرأة التي خرجت من عندي الآن؟
قال: كلا. - لقد كذبت؛ إذ يستحيل ألا تكون قد رأيتها، أما وقد كذبت فإما أن تكون قد عرفتها وإما أن تكون قد سمعت حديثي معها. - أتحسب أني من الذين يصغون إلى الأحاديث من وراء الأبواب؟ وأية فائدة لي من ذلك؟ - إن هذه المرأة هي مرسلين دي مونتكور؛ أي امرأتي. - أوجدتها بعد هذا الفراق الطويل؟ - وإن هذه المرأة كانت خليلة لك من قبل. - أظن أنك تريد الممازحة.
فقبض بوفور على كتفيه فهزهما بعنف، وقال له: أتجسر على الإنكار أيها الشقي؟
وقد كان داغير أشد كثيرا من بوفور، فلو أراد التخلص لاستطاع بأهون سبيل، ولكنه لم يفتكر بذلك، فهزه بوفور أيضا وقال له: لقد عرفت الآن أنه لا بد لواحد منا أن يموت وسنتبارز غدا مبارزة لا تنتهي إلا بالموت، وسأرى ساعتئذ إذا كنت تظهر من البسالة ما أظهرته من السفالة يوم أغويت تلك الفتاة.
ثم نظر إليه نظرة ملؤها الاحتقار وتركه وانصرف، فلبث داغير هنيهة في موقفه، ثم دخل إلى غرفة بوفور فعثر بما كان يبحث عنه فيها؛ إذ وجد فوق المغسلة مسدس بوفور، فأخذه وفحصه فوجده محشوا بست رصاصات، فوضعه في جيبه وانصرف.
عندما خرج بوفور ذهب مسرعا إلى منزل النوتير على رجاء أن يلقى فيه فولون.
صفحه نامشخص