المستطرف در هر هنری
المستطرف في كل فن مستظرف
ناشر
عالم الكتب
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٩ هـ
محل انتشار
بيروت
وقائلة ما بال وجهك قد نضت ... محاسنه والجسم بان شحوبه «١»
فقلت لها هاتي من الناس واحدا ... صفا وقته والنائبات تنوبه «٢»
وللأمير أبي علي بن منقذ:
أما والذي لا يملك الأمر غيره ... ومن هو بالسرّ المكتّم أعلم
لئن كان كتمان المصائب مؤلما ... لإعلانها عندي أشد وأعظم
وبي كلّ ما يبكي العيون أقلّه ... وإن كنت منه دائما أتبسّم
وقال علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه: وأيم الله ما كان قوم قط في خفض عيش فزال عنهم إلا بذنوب اقترفوها، لأن الله تعالى ليس بظلام للعبيد، ولو أن الناس حين ينزل بهم الفقر ويزول عنهم الغنى فزعوا إلى ربهم بصدق نياتهم لرد عليهم كل شارد وأصلح لهم كل فاسد.
قال الشاعر:
يقولون الزمان به فساد ... وهم فسدوا وما فسد الزمان
وكفى بالقرآن واعظا.
قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ
«٣»، والله ﷾ أعلم.
الفصل الثاني في الصبر على المكاره ومدح التثبت وذم الجزع
قد مدح الله تعالى الصبر في كتابه العزيز في مواضع كثيرة، وأمر به، وجعل أكثر الخيرات مضافا إلى الصبر، وأثنى على فاعله، وأخبر أنه ﷾ معه، وحث على التثبت في الأشياء، ومجانبة الاستعجال فيها، فمن ذلك قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ١٥٣
«٤» . فبدأ بالصبر قبل الصلاة، ثم جعل نفسه مع الصابرين دون المصلين. قوله تعالى: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ
«٥» .
وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا
«٦» .
وقوله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا
«٧» . وبالجملة، فقد ذكر الله ﷾ الصبر في كتابه العزيز في نيف وسبعين موضعا. وأمر نبيه ﷺ به فقال تعالى: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ
«٨» . وقد روي عن النبي ﷺ في ذلك أخبار كثيرة، فمن ذلك قوله ﷺ: «النصر في الصبر» . وقوله ﵊: «بالصبر يتوقع الفرج» . وقوله: «الأناة من الله تعالى والعجلة من الشيطان، فمن هداه الله تعالى بنور توفيقه ألهمه الصبر في مواطن طلباته والتثبت في حركاته وسكناته، وكثيرا ما أدرك الصابر مرامه أو كاد، وفات المستعجل غرضه أو كاد» . وقال الأشعث بن قيس: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فوجدته قد أثر فيه صبره على العبادة الشديدة ليلا ونهارا، فقلت يا أمير المؤمنين: إلى كم تصبر على مكابدة هذه الشدة؟ فما زادني إلا أن قال:
اصبر على مضض الإدلاج في السحر ... وفي الرواح إلى الطاعات في البكر
إني رأيت وفي الأيام تجربة ... للصبر عاقبة محمودة الأثر
وقلّ من جدّ في أمر يؤمّله ... واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
فحفظتها منه وألزمت نفسي الصبر في الأمور، فوجدت بركة ذلك.
وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة ﵄، عن النبي ﷺ أنه قال: «ما يصيب المسلم من نصب «٩» ولا وصب «١٠» ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها، إلا حط الله بها من خطاياه» .
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا أراد الله بعبد الخير عجّل له العقوبة في
1 / 313