والوجه الثالث: قول القائل من الراكعين المصلين: سمع الله لمن حمده، ومعناه أي: قبل الله ممن حمده، وأثاب على شكره من شكره.
فهذه الثلاثة الوجوه اللواتي يجوز أن يوصف بهن الرحمن وهن فواضحات عند من عرف العربية والبيان.
والوجه الرابع: فلن يجوز على الواحد الجليل، في شيء من الأقاويل، وهو موجود في المخلوقين، متعال عنه رب العالمين، وهو الإصغاء بالأذان والإنصات لجولان دواخل الأصوات، ومستقر مفهوم القالات، فتعالى عن ذلك المهيمن الكريم، المتقدس الواحد الفرد العظيم. وكيف يكون سبحانه كذلك، أو يجوز المقال لمن قال فيه بذلك، وقد يسمع قول ذي الجلال والقدرة والمحال: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } [الشورى: 11]، وقوله: { ولم يكن له كفوا أحد } [الإخلاص.]، والكفؤ فهو المثل والنظير، في الصغير كان أو في الكبير، فلو كان ذا جوارح لكان ذا أعضاء، ولو كان ذا أعضاء لكان جزءا فيه أجزاء، ولو كان أجزاءا لكان بلا شك جسما، ولو كان جسما لجرت عليه الحوادث والأزمان، ولأشبه ما خلق من الإنسان، ولو كان كذلك لم يكن بخالق ولكان مخلوقا؛ لأن كل جسم لا بد له من جاعل مجسم، إذ لا بد لكل مجعول من جاعل، كما لا بد لكل مفعول من فاعل، ولكل مصنوع من صانع، ولكل مقطوع من قاطع، فسبحان من ليس كذلك ولا على شيء من ذلك، لا تحيط به الظنون، ولا يصفه الواصفون، إلا بما وصف به نفسه من قوله هو، وأنه كما قال سبحانه في آخر الحشر: { يز الحكيم } [الحشر: 22: 24].
صفحه ۱۸۷