بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحَمْدُ للِّه رَبِّ العَالمِينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى سَيِّدنا محُمَّدٍ، سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، وعَلَى آلهِ وصَحْبهِ الغُرَرِ المَيَامِينَ، ومَن تَبِعَهُم بإحْسَانٍ إلى يَوْمِ الدِّينِ.
وبعد:
(فإنَّ الله جَلَّ ثَنَاؤُهُ وتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ بَعَثَ محُمَّدًا بالهُدَى ودِينِ الحَقِّ ليُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَو كَرِهَ المُشْرِكُونَ، وأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ، فيهِ الهُدَى والنُّورُ لمَنْ اتَّبَعَهُ، وجَعَلَ رَسُولَهُ الدَّالُ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ ظَاهِرِه وبِاطِنهِ، وخَاصِّه وعَامِّه، ونَاسِخهِ ومَنْسُوخهِ، ومَا قَصَدَ لَهُ الكِتَابُ، فَكَانَ رَسُولُ الله ﷺ هُو المُعَبِّرُ عَنْ كِتَابِ الله، الدَّالُ عَلَى مَعَانِيه، شَاهِدُهُ في ذَلِكَ أَصْحَابُهُ الذينَ ارْتَضَاهُم الله لِنَبِيِّه، واصْطَفَاهُم لَهُ، ونَقَلُوا ذَلِكَ عَنْهُ، فَكَانُوا هُم أَعْلَمَ النَّاسِ بِرَسُولِ الله ﷺ، وبِمَا أَرَادَ الله مِنْ كِتَابهِ بمُشَاهَدتِهِم، ومَا قَصَدَ لهُ الكتَابُ، فَكَانُوا هُم المُعَبِّرِينَ عَنْ ذَلِكَ بعدَ رَسُولِ الله ﷺ، قالَ جَابِرٌ: ورَسُولُ اللِّهَ ﷺ بينَ أَظْهُرِنَا، عَلَيْهِ يَنْزِلُ القُرْآنُ، وَهُو يَعْرِفُ تأوِيلَهُ، ومَا عَمِلَ بهِ مِنْ شَيءٍ عَمِلْنَا بهِ) (١).
لقد شَكَّلَتْ السُّنَّةُ النبويّةُ الكَرِيمةُ الَأسَاسَ في إيْجَادِ نمَاذِجَ مُتَمِيِّزَةٍ مِنْ أَعْلَامِ الأُمَّةِ الإسْلَامِيَّةِ، مِن الصَّحَابةِ الكِرَامِ، والتَّابِعِين، ومَنْ تَبِعَهُم بإحْسَانٍ، مِنَ الَأئمَّةِ المُجْتَهِدِينَ، والعُلَمَاءِ العَامِلِينَ، والدُّعَاةِ المُخْلِصِينَ، وهَؤُلاَءِ الَأعْلَامُ هُم وَرَثَةُ الَأنْبِيَاءِ، وَهُم أَوْلِياءُ الله الذينَ يَخْشَوْنَهُ حَقَّ خَشْيَتهِ، ويَعْبُدُونَهُ حَقَّ عِبَادتهِ.
_________
(١) في كلام الإِمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ورضي عنه في كتابٍ له في وجوب طاعة سنة رسول الله ﷺ، وهو كتاب مفقود، ولكن نقل مقدّمته الإِمام ابن القيِّم في كتابه الفذّ (إعلام الموقّعين عن رب العالمين) ٢/ ٢٩٠ - ٢٩١.
المقدمة / 5