٦٢ - حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللَّهِ، أنبا شَيْبَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي سَاعَةٍ لا يَخْرُجُ فِيهَا، وَلا يَلْقَاهُ فِيهَا أَحَدٌ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: «مَا أَخْرَجَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟»، قَالَ: خَرَجْتُ لِلِقَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَالنَّظَرِ فِي وَجْهِهِ، وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ: «مَا أَخْرَجَكَ يَا عُمَرُ؟» قَالَ: الْجُوعُ.
قَالَ: «وَأَنَا قَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ الَّذِي تَجِدُ، انْطَلِقْ إِلَى بَيْتِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ الأَنْصَارِيِّ» .
وَقَدْ كَانَ رَجُلا كَثِيرَ النَّخْلِ وَالشَّاءِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ، فَأَتَوْهُ، فَلْمَ يَجِدُوهُ، وَوَجَدُوا امْرَأَتَهُ، فَقَالُوا: أَيْنَ صَاحِبُكَ؟ قَالَتْ: انْطَلَقَ غُدْوَةً يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ مِنْ قَنَاةِ بَنِي فُلانٍ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ بِقُرْبَةٍ يَزْغَبُهَا، فَوَضَعَهَا، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَجَعَلَ يَلْزَمُهُ وَيَفْدِيهِ بأَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَانْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى نَخْلِ حَدِيقَةٍ، فَبَسَطَ لَهُمْ بِسَاطًا، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ، فَجَاءَ بِقِنْوٍ فَوَضَعَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَفَهَلا تَتَبَّعْتَ لَنَا مِنْ رُطَبِهِ؟» قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ تَخَيَّرُوا مِنْ رُطَبِهِ وَبُسْرِهِ، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، هَذَا النَّعِيمُ الَّذِي أَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هَذَا الظِّلُّ الْبَارِدُ، وَالرُّطَبُ الْبَارِدُ، عَلَيْهِ الْمَاءُ الْبَارِدُ» .
ثُمَّ انْطَلَقَ لِيَصْنَعَ لَهُمْ طَعَامًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لا تَذْبَحُوا لَنَا ذَاتَ دَرٍّ» .
فَذَبَحَ لَهُمْ عَنَاقًا، ثُمَّ أَتَاهُمْ بِهَا فَأَكَلُوا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَلْ لَكَ خَادِمٌ؟» قَالَ: لا.
قَالَ: «فَإِذَا أَتَانَا سَبْيٌ فَأْتِنَا» .
فَجَاءَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأْسَانِ، لَيْسَ لَهُمَا ثَالِثٌ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: «اخْتَرْهُمَا» .
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خِرْ لِي.
فَقَالَ: «أَمَا إِنَّ الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ، خُذْ هَذَا، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُهُ يُصَلِّي، وَاسْتَوْصِ بِهِ مَعْرُوفًا» .
فَأَتَى بِهِ امْرَأَتَهُ، فَحَدَّثَهَا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَتْ: مَا أَنْتَ بِبَالِغٍ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِيهِ حَتَّى تَعْتِقَهُ، قَالَ: فَهُوَ عَتِيقٌ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ ﷿ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا وَلا خَلِيفَةً إِلا وَلَهُ بِطَانَتَانِ، فَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَبِطَانَةٌ لا تَأْلُوهُ خَبَالا، فَمَنْ يُوقَ بِطَانَةَ السُّوءِ فَقَدْ وُقِيَ»
1 / 63