عتيد يساق إلى العراق والحالة الأموية قلقلة ، وصفوهم متعكر بهلاك « ابن هند » وعدم الجدارة في ولي عهده فكان جو المملكة الأموية قائما ، ومراجل الأحقاد تغلي على بني عبد شمس ، فمن متخافت برفض يزيد الى مهامس بلغنه ، الى متجاهر بمناوأته ومظاهر عداء الناس تنجم وتخبو.
وفي كل من المدن والرساتيق مؤامرة حول الخلافة المنبوذة ، فهل كان ابن ميسون والحالة هذه يقدر أن يؤلب جيشا الكفاءة لتدمير العراق؟
هب أنه كان يتسنى له شيء من ذلك ، فهل يتصور وصول الجيش إلى العراق قبل أن يمزق ابن زياد في قصره تمزيقا لو كانت النفوس متحقزة للحق ناهضة للدفاع عن الدين القويم؟
ثم أي وقت يصل ذلك الجيش الموهوم الى العراق وفي وسع العراقيين عندئذ استلام الأمر للحسين عليه السلام قبله ، ولديهم مقانب وكتائب ممن بايع مسلم بن عقيل عليه السلام ؟ ولو أنهم فعلوا ذلك ، ووثبوا في وجه ابن زياد لازدلف إليهم من كان ينتظر العواقب ، ويتحفز للفتح والظفر ، وهناك من رواد المطامع أكثر فعندها يسوقون إلى عدوهم الألد جيشا لهاما فينتكث عليه الأمر وتنقلب الدائرة ويتم الأمر لداعية الحسين عليه السلام .
فهل في القوم من يعرف شيئا من هذا أو أنهم طبع الله على قلوبهم فهم لا يعقلون ، كيف فاتتهم هذه القضايا الطبيعية وراعتهم الأوهام وكلهم قد مارسوا الحرب وتعاورت عليهم السياسات عادلة وجائرة؟
وهب أنه لم يكن معهم من قوة النفس وثبات الإيمان ما يكبح ذلك الجماح أو يدحر تلكم الشهوات فينصروا الإمام العادل عليه السلام أفلا كان في وسعهم التواني والتخاذل عن قتله ، والتألب كما كانوا يفعلونه مع أمير المؤمنين بعد منصرفه من صفين وقد عزم على النهضة الهامرة لملك ابن هند فكانوا يتفرقون عنه من هنا وهنا حتى وقف عليه السلام فيهم وقال :
صفحه ۹۹