============================================================
يذكر المؤلف في الفصل الثاني من خصائص الخلفاء الأمويين بعض الأمور التي اختلفت سلوكياتها عما ساد في العهد الراشدي، بدأها بالاهتمام الكبير بمظاهر الابهة في الملك من بناء القصور واتخاذ الحرس والشرطة والحجاب ولبس الخز والوشي، واتخاذ الصوافي والضياع وأول من تمثل بذلك معاوية بن أي سفيان، وغلب ذلك على عماله، ثم خص المؤلف كل خليفة بعد معاوية بأمور وأفعال- غلبت كذلك على أصحابه وعماله- يستدل من طبيعتها الميل في جملتها إلى الجانب السيء من شخصية الخليفة، وقد اسثنى من ذلك الخليفة عمر بن عبدالعزيز، كما تحاشى ذكر الخليفة معاوية بن يزيد بن معاوية، ولم يذكر للوليد بن عبدالملك حسنة سوى بتاء المساجد.
يمكن إرجاع موقف اليعقوبي في اختياره هذه الأمور إلى تحيز في نفسه ضد الأمويين، فهو الكاتب العباسي النشأة والتربية الذي لم يستطع إخفاء ذلك التحيز في وصفه لكل من الشام والعراق، فالشام وهي دار ملك الأمويين قال فيها : وبأنها الوبية الهواء الضيقة المنازل الحزنة الأرض المتصلة الطواعين الجافية الأهل (21). أما العراق وهي دار ملك العباسيين فقد وصفها بأنها اوسط الدنيا وسرة الأرض . وباعتدال الهواء بها وطيب الثرى وغذوبة الماء حسنت أخلاق أهلها ونضرت وجوههم وانفتقت أنهانهم حتى فضلوا الناس في العلم والفهم والأدب والنظر.."(27) يمكن تتبع الأمور التي خص بها اليعقوب هؤلاء الخلفاء، فيزيد بن معاوية صاحب طرد وجوارح وكلاب ولهو ومنادمة على الشراب، وعبدالملك بن مروان فيه صرامة وحزم وبخل وحب للشعر والفخر والمديح وإقدام على الدماء، والوليد بن عبدالملك جبار عنيد ظلوم، ويزيد بن عبدالملك غلبت عليه جارية، وهشام بن عبدالملك خشن فظ بخيل، والوليد بن يزيد كان متهتكا ماجتأ خليعا، اطلق العنان للشراب واللهو والطرب وسماع الغناء، ومروان بن محمد بن مروان أظهر العصبية وأوقعها بين الناس أما الخليفة عمر بن عيدالعزيز فقد وصفه بما فيه من تواضع ونسك وتزهد ودين وتقرب لأهل الفضل . رفع عن الناس ما كانوا فيه من جور وظلم. ومنع لعن علي بن أبي طالب على المنابر وجعل مكانه : "اللهم اغفر لنا ولإخوانتا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربثا إنك رؤوف رحيم والوليد بن عبد الملك يشهد له اليعقوب في كتابه التاريخ بأمور حسنة كثيرة فهو يقول : "وكان الوليد أول من عمل البيمارستان للمرضى، ودار الضيافة، وأول من أجرى طعام شهر رمضان في المساجد، وصام الإثتين والخميس فأدمنه .(26.. إلخ . أما الحليفة الذي لم يأت على ذكره في هذا الكتاب فهو معاوية بن يزيد بن (21) اليمقوي، كتاب البلدان ، ص1 ، مضيوف الفرا اليعقوي الجغرافي المؤرخ، ص 86 (22) اليعقوي، كاب اللدان، ص ، مضيو الغرا، اليمقوي الجغرافي المؤرخ، ص85 .
(13) العقوي، تاريخ، -2، ص ص 290- 291.
192
صفحه ۱۲