============================================================
"وكان من روئنا عنه في هذا الكتاب : إسحاق بن سليمان بن علي الهاشمي عن أشياخ بني هاشم ، وأبو البخترى وهب بن وهب القرشي عن جعفر بن مخمد وغيره من رجاله، وأبان بن عشمان عن جعفر بن محمد، ومحمد بن عمر الواقدي عن موسى بن عقبة وغيره من رجاله، وعبدالملك بن هشام بن زياد بن عبدالله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي ، وأبو حسان الزيادي عن أبي المنذر الكلبي وغيره من رجاله وعيسى بن يزيد بن دأب، والهيثم بن عدي الطائي عن عبدالله بن عباس الهمداني، ومحمد بن كثير القرشي عن أبي صالح وغيره من رجاله، وعلي بن محمد بن عبدالله بن سيف المدائني وأبو معشر المدني ومحمد بن موسى الخوار زمي المنجم - وماشاء الله الحاسب في طوالع السنين والأوقات، وأثبتنا عن غير هؤلاء الذين سمينا جملا جاء بها غيرهم ورواها سواهم وعلمناها من سير الخلفاء وأخبارهم (14)، يضاف إلى تلك المصادر خبرة اليعقوي الواسعة التي اكتسبها من معاصرته لعدد من الخلفاء العباسيين وهم المعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي بالله والمعتمد على الله ثم المعتضد، بالإضافة إلى إقامته في عدد من أقاليم الدولة الإسلامية متمتعا برعاية ذوي الأمر فيها، مما أتاح له التعرف عن قرب من خلال مشاهداته ومعاملاته على الأخلاق والعادات التي كانت سائدة، فكانت حصيلته مصدرا هاما لكتابته.
عرض وتحليل متوى الكتاب: يمكن تقسيم الكتاب إلى ثلاثة فصول تمثل العهود الثلاثة التي تناولها وهي الفصل الأول للعهد الراشدي والفصل الثاني للعهد الأموي والفصل الثالث للعهد العباسي ويستطيع القارىء من خلال تتبعه للأمور التي سادت في تلك العهود، أن يشكل لنفسه مجموعة من الصور الذهنية المختلفة في الشكل والمضمون . ويمكن إرجاع ذلك إلى اختلاف الفترة الزمنية التي عاش فيها كل خليفة وما تميزت به من خصائص ثقافية واجتماعية ودينية بالإضافة إلى الصفات الذاتية لكل خليفة، وهي عوامل حاكمة لأخلاقه وأقواله وأفعاله ويمكن أن نضيف عاملا آخر يتمثل في عاطفة الكاتب تجاه عهد من العهود أو تجاه خليفة دون آخر، لذلك فمن الطبيعي أن تتنوع الصور الذهنية بتتوع الأمور المختارة من قبل المؤلف حتى في الفصل الواحد الذي يمثل عهدا بعينه .
يذكر المؤلف في بداية الفصل الأول صفاتا مشتركة بين خليفتين هما أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، تتمثل في التواضع والزهد والخشونة في الملبس والمطعم بالإضافة إلى الحزم في أمور الدين والدولة، وقد تمثل بهذه الصفات عناهما في الأقاليم . وفي بيان الأمور المرتبطة بالخليفة عشمان بن عفان، رضي الله عنه، وعماله في الأقاليم، خص بالذكر جوانب أخرى تتمثل في السماحة والجود وصلة الأرحام ورفع القراية واتخاذ المال ، تاركا للقارىء أن يحدد لنفسه رأيا في (18) اليعقوي تاريخ، جا، ص1
صفحه ۱۰