مسألة اذا لم يرد بالامر التكرار اما لدليل واما باطلاقه عند من يقول بذلك فهو على الفور عند أصحابنا وهو ظاهر كلامه ولم يذكر القاضى عن أحمد هذا وبه قالت الحنفية وكذلك المالكية وحكاه الحلوانى وبعض الشافعية وقالت المعتزلة وأكثر الشافعية هو على التراخى والفورية معزية إلى أبى حنيفة ومتبعيه والتراخى للشافعى قالهما الجوينى وقال القاضى وقد أومأ أحمد اليه فى رواية الاثرم وذكرها ونقل الاثرم عن أحمد وقد سئل عن قضاء رمضان يفرق قال نعم انما قال الله
ﵟفعدة من أيام أخرﵞ
فظاهر هذا أنه على التراخى وحكى ابن برهان الفورية عن المعتزلة أيضا والقاضى أبى حامد المروزى من أصحابه وحكى التراخى عن أبى علي الجبائى وأبى هاشم من المعتزلة وحكاها أبو الطيب عن ثلاثة من أصحابه أبى بكر الصيرفى وأبى بكر الدقاق والقاضى أبى حامد وحكاه أيضا عن أبى الحسن الاشعرى نفسه وحكى مذهب الوقف عن قوم من المتكلمين وقال أكثر الاشعرية هو على الوقف هكذا حكاه جماعة وعندى أن مذهب الوقف والتراخى شىء واحد وقال السرخسى الذى يصح عندى من مذهب علمائنا أنه على التراخى فلا يثبت وجوب الاداء على الفور بمطلق الامر نص عليه فى الجامع قال فيمن نذر أن يعتكف شهرا له أن يعتكف أى شهر شاء وكذلك لو نذر أن يصوم شهرا والوفاء بالنذور واجب بمطلق الامر وفى كتاب الصوم أشار فى قضاء رمضان إلى أنه يقضى متى شاء وفى الزكاة وصدقة الفطر والعشر المذهب معلوم أنه لا يصير مفرطا بتأخير الاداء وكان الكرخى يطلق الامر بوجوب الاداء على الفور وهو الظاهر من مذهب الشافعي فقد ذكر فى كتابه أنا استدللنا بتأخير النبي صلى الله عليه وسلم الحج ( مع ) الامكان على أن وقته ( موسع ) فهذا منه اشارة إلى أن موجب مطلق الامر الفور وبعض أصحاب الشافعى قال هو موقوف على البيان وذكر أنه اذا لم يؤد حتى مات يكون مفوتا مفرطا آثما بالاجماع قال ومن أصحابنا من جعل هذا الفصل على الخلاف بين أصحابنا فى الحج هل هو على الفور أو على التراخى قال وعندى أن هذا غلط لان الحج موقت بأشهره فأبو يوسف يقول تتعين السنة الاولى ومحمد لا تتعين وعن أبى حنيفة روايتان واختار الفور كمذهبنا من الشافعية أبو بكر الصيرفى والقاضى وأبو حامد واختار ابن الباقلانى أنه على التراخى وكذلك حكاه ابن عقيل رواية عن أحمد وممن اختاره من الشافعية أبو على بن أبى هريرة وأبو على الطبرى وأبو بكر الدقاق وفى كتاب أبى الطيب أبو بكر القفال بدل الدقاق وقد ذكرنا فيما تقدم أن مذهب الوقف كالتراخى بناء على تقدير الاجماع على جواز الفورية وقد ذكر أبو الطيب ما يدل عليه وحكى موافقة طائفة أخرى أنهم يقفون على ذلك وأنكره عليهم وحكى عن طائفة آخرين أنهم يقفون فلا يجزمون بجواز الفعل على الفور ولا يجزمون بجواز تأخيره فعلى هذا يتحقق الوقف مذهبا
فصل
اذا أريد بالامر الندب فانه يقتضى الفور إلى فعل المندوب كالامر بالواجب ذكره القاضى ملتزما له على قوله انه أمر حقيقة بما يقتضى أن الحنفية لا يقولون بالفورية
صفحه ۲۳