وقد تكلم الناس في بعد الأرض فذكر الأكثر أن من مركز الأرض إلى ما ينتهي إليه الهواء والنار مائة ألف وثمانية عشر ألف ميل، وأما القمر فإن الأرض أعظم منه بتسع وثلاثين مرة، والأرض أعظم من عطارد بثلاث وعشرين ألف مرة، والأرض أعظم من الزهرة بأربع وعشرين ألف مرة، والشمس أعظيم من الأرض بمائة وسبعين مرة وربع وثمن، وأعظم من القمر بألف وستمائة وأربع وأربعين مرة، والأرض كلها نصف عشر ثمن جزء من الشمس، وقطر الشمس اثنان وأربعون ألف ميل، والمريخ مثل الأرض زيادة ثلاثة وستين مرة، وقطره ثمانية آلاف وسبعمائة ميل ونصف ميل، والمشتري مثل الأرض إحدى وثمانين مرة ونصف وربع، وقطره ثلاثة وثلاثون ألف ميل وستة عشر ميلا، وزحل أعظم من الأرض تسعا وتسعين مرة ونصفا، وقطره اثنان وثلاثون ألف ميل وسبعمائة وستة وثلاثون ميلا، وأما أجرام الكواكب الثابتة التي في المشرق الأول وهي خمسة عشر كوكبا فكل كوكب منها أعظم من الأرض بأربع وتسعين مرة ونصف مرة، وأما بعدها من الأرض فإن أقرب بعد القمر منها مائة ألف وثمانية وعشرون ألف ميل، وأبعد بعده من الأرض مائة ألف وأربعة وعشرون ألف ميل، وأبعد بعد عطارد من الأرض سبعمائة ألف ألف وسبعمائة وثلاثة وثلاثون ألف ميل، وأبعد بعد الزهرة من الأرض أربعة آلاف وتسعة عشر ألف ميل وستمائة ميل، وأبعد بعد الشمس من الأرض أربعة آلاف ألف ألف وثمانمائة ألف وعشرون ألفأ ونصف ميل، وأبعد بعد المريخ من الأرض ثلاثة وثلاثون ألف ألف ميل وستمائة ألف ميل وشيء، وأبعد بعد المشتري من الأرض أربعة وخمسون ألف ألف ومائة ألف وستة وستون ألف ميل إلا شيئا، وأبعد بعد زحل من الأرض سبعة وسبعون ألف ألف ميل إلا شيئا، وأبعد الكواكب الثابتة من مركز الأرض نحوذلك. وفيما ذكرنا من القسمة والأجزاء والمقاييس استدرك القوم علم الساعات والكسوفات وبها استخرجوا الآلات والإسطرلابات، وعليها صنفا كتبهم كلها، وهذا باب إن شرعنا في إيراد البعض منه كثر، واتسع الكلام فيه، وإنما ذكرنا لمعا من هذه الفنون لندل بها على ما لم نورده. وقد رتبت الصابئة من الحرانيين وهم عوام اليونانيين وحشوية الفلاسفة المتقدمين الكهنة في هياكلها مراتب على ترتيب هذه الأفلاك السبعة، فأعلى كهانهم يسمى رأس كمرى، ثم وردت بعدهم النصارى فرتبت الكهنة في كهانتها، على ما تقدمت فيه الصابئة في مذهبها.وسمت النصارى هذه المراتب العظات: فأولها السلط، والثاني اعنسط، والثالث يودنا، والرا بع شماس، والخامس قسيس، والسادس يودوط، والسابع حور الغينطس، وهو الذي يخلف الأسقف، والثامن أسقف، والتاسع مطران، وتفسير مطران رئيس المدينة، والذي فق هؤلاء كلهم في المرتبه لبطرك، وتفسيره أبو الآباء، فمن تقدم ذكرهم من أصحاب المراتب وغيرهم من الأداني وعوامهم، هذا عند خواص النصارى،فأما العوام منهم فيذكرون في هذه المراتب غير ما ذكرنا، وهو أن ملكا ظهر لهم، وأظهر أمورا يذكرونها لا حاجة بنا إلى وصفها، وهذا ترتيب الملكية،. وهم عمد النصراينة وقطبها؟ لأن ص المشارقة وهم العباد والملقبون بالنسطورية واليعاقبة عن هؤلاء تفرعوا، ومنهم تبددوا ، وإنما أخذت النصارى جملا من هذه المراتب على ما ذكرنا من الصابئة، وأما القسيس والشماس وغير ذلك فعن المانية، إلا التصدوس والسماع، وإن كان ماني حدث بعد مضي السيد عيسى بن مريم عليه السلام، وكذلك ابن ديصان ومرقيون، وإلى ماني أضيفت المانية، وإلى مرقيون أضيفت المرقيونية، وإلى ابن ديصان أضيفت الديصانية، ثم تفرعت بعد ذلك المزدقية وغيرها ممن سلك طريقة صاحب الأثنين.وقد أتينا في كتابنا أخبار الزمان وفي الكتاب الأوسط على جمل من نوادرهذه المذاهب، وما أورده من الخرافات المزخرفة، والشبه الموضوعة، وما ذكرناه من مذاهبهم في كتابنا في المقالات في أصول الديانات وما ذكرناه في كسر هذه الآراء وهدم هذه المذاهب في كتابنا المترجم بكتاب الإبانة في أصول الديانة وإنما نذكر في هذه الأبواب ما يتشعب الكلام إليه، ويتغلغل الوصف نحوه، فنورد منه لمعا على طريق الخبر والحكاية للمذهب، لا على طريق النظر والجدل. لئلا يخلو كتابنا هذا مما تدعو الحاجة إلى ذكره، والله أعلم.
صفحه ۳۵