"فصل في الفرق بين الإعراب والبناء والمعرب والمبني"
الإعراب، في أصل الوضع، مصدر أعرب الرجل إعرابًا إذا أبان عما في نفسه، ومنه الحديث البكر تستأذن، وأذنها صماتها، والثيب يعرب عنها لسانها" (١).
وحده أنه تغيير يلحق آخر الكلمة المعربة بحركة أو سكون، لفظًا أو تقديرًا، بتغير العوامل في أولها.
وفائدته أنه يفرّق بين المعاني المختلفة التي لو لم يدخل الإعراب الكلمة التي تتعاقب عليها تلك المعاني التبست. والمثال في ذلك المسألة المذكورة، وهي قولهم: ما أحسن زيدًا وما أحسن زيد. صيغة الكلام واحدة، ومعانيه مختلفة فإذا نصبت زيدًا وفتحت النون من أحسن كان الكلام تعجبًا، وإذا رفعت زيدًا مع فتح النون كان الكلام نفيًا للإحسان عنه، وإذا رفعت النون وجررت زيدًا كان الكلام استفهامًا عن الشيء الذي هو أحسن ما في زيد، كأنك سألت: أعين زيد أحسن. ما فيه أم أنفه أم فمه، إلى غير ذلك مما يصح الاستفهام عنه منه، فلولا اختلاف الحركات التي هي الرفع والنصب والجر المتعاقبة على دال زيد التبست هذه المعاني، فلم يكن بين بعضها وبعض فرق في اللفظ.
_________
(١) صحيح البخاري ١٢: ٣٠١ في باب الحيل والنكاح وفي صحيح مسلم ٤١٢١: باب استئذان الثيَّب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت وفي مسند ابن حنبل: ٤: ١٩٢.
وورد في هذه المسانيد بروايات مختلفة.
1 / 34