وسموه فعلًا ولم يسموه عملًا، لأن الفعل أهم من العمل (١)، ألا ترى أنك إذا أمرت مأمورًا بالبناء مثلًا، فقلت: ابن دارًا فائتمر جاز أن يقول: قد عملت ما أردت، وجاز أن يقول: قد فعلت، ولو قلت: تكلم مثلًا، ففعل، لم يقل إلا: قد فعلت ولم يحسن أن يقول: قد عملت فالفعل على ما أريتك أعم من العمل، فلذلك لقبوا هذا القسم فعلًا ولم يلقبوه عملًا، ولعلة أخرى حسنت فيه هذا اللقب دون غيره (٢).
فأما علاماته فمنها أيضًا لفظية، ومنها معنوية، فمن اللفظية أن يحسن دخول قد عليه كقولك: قد قام، وقد قعد، وقد يقوم وقد يقعد.
وقد حرف يقرب (٣) الفعل الذي يدخل عليه من زمن الوجود أي الحال.
ومنها السين وسوف، وهما حرفان إذا دخلا على الفعل المضارع (٤) أخلصاه للاستقبال وخلصاه من الشياع الذي كان يحتمله قبل دخولهما عليه، وذلك أن لفظ المضارع - مجردًا (٥) من قرينة - يحتمل الحال والاستقبال، فهو صالح لهما على سبيل
_________
(١) في (ج) عوضًا عن هذه العبارة: قالوا: وسمي فعلًا، لأن المصدر الذي هو أصله فعل في المعنى، وقالوا فعل ولم يقولوا عمل، لأن لفظة فعل أهم من لفظة عمل.
(٢) في (ج) عوضًا من هذه العبارة من ولو قلت .. حتى غيره: ولو قلت تكلم فتكلم لقال: قد فعلت، ولم يسغ في عرف الاستعمال أن يقول: قد عملت. فالفعل على هذا أعم في الاستعمال من العمل، فلهذا لقبوا هذا القسم من الكلم الثلاث فعلا ولم يلقبوه عملًا ولغير ذاك مما حسن عندهم تلقيبه فعلًا دون غيره.
(٣) في (ج): يقرب الفعل الذي يدخل عليه من الماضي من زمن الوجود مع تأكيده أي الحال، ويفيد في المستقبل تقليلًا ...
(٤) المضارع: ساقطة من (أ) و(ب).
(٥) في (ج): إذا تجرد.
1 / 15