بيننا، ولا أن شيئا من ألفاظ هذه المراجعات خطه غير قلمي، فإن الحوادث التي أخرت طبعها فرقت وضعها أيضا كما قلنا غير أن المحاكمات في المسائل التي جرت بيننا موجودة بين هاتين الدفتين بحذافيرها مع زيادات اقتضتها الحال، ودعا إليها النصح والإرشاد، وربما جر إليها السياق على نحو لا يخل بما كان بيننا من الاتفاق.
وإني لأرجو اليوم ما رجوته أمس: أن يحدث هذا الكتاب إصلاحا وخيرا، فإن وفق إلى عناية المسلمين به، وإقبالهم عليه فذلك من فضل ربي، وذلك ما أرجوه من عملي، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
وإني لاهدي كتابي هذا إلى أولي الألباب من كل علامة محقق، وبحاثة مدقق، لابس الحياة العلمية فمحص حقائقها؛ ومن كل حافظ محدث جهبذ حجة في السنن والآثار، وكل فيلسوف متضلع في علم الكلام، وكل شاب حي مثقف حر قد تحلل من القيود وتملص من الأغلال، ممن نؤملهم للحياة الجديدة الحرة، فإن تقبله كل هؤلاء واستشعروا منه فائدة في أنفسهم، فإني على خير وسعادة.
وقد جهدت في إخراج هذا الكتاب، بنحت الجواب فيه على النحو الأكمل من كل الجهات، وقصدت به إلهام المنصفين فكرته وذوقه، بدليل لا يترك خليجة، وبرهان لا يدع وليجة، وعنيت بالسنن الصحيحة والنصوص الصريحة، عناية أغنى بها هذا الكتاب عن مكتبة حافلة مؤثلة بأنفس كتب الكلام والحديث والسير ونحوها، مما يتصل بهذا الموضوع الخطير، بفلسفة معتدلة كل الاعتدال، صادقة كل الصدق، وبأساليب تفرض على من الم به أن يسيروا خلفه وهم أعني منصفيهم له تابعون، من أوله إلى الفقرة الأخيرة منه، فإن ظفر كتابي بالقراء المنصفين فذلك ما أبتغيه، وأحمد الله عليه.
أما أنا فمستريح والحمد لله إلى هذا الكتاب، راض عن حياتي بعده، فإنه عمل كما أعتقد يجب أن ينسيني ما سئمت من تكاليف الحياة الشاقة، وهموم الدهر الفاقرة، وكيد العدو الذي لا أشكوه إلا إلى الله تعالى، وحسبه الله حاكما، ومحمد
--- *** 7 )
صفحه ۶