ثم أدرك جيمي أنه كان يحدث نفسه. إذ لم تكن جين مصغية لكلمة مما قاله. وإنما ظلت واقفة أمام الخيول الثلاثة، تحدق فيها. وبتأن ذهبت إلى الأول وشدت رأسه لأسفل. ومرت بيدها على جبهته. وجعلت تنظر بإمعان في عينيه. وأخذت أذنه بين يديها. ثم وضعت يدها اليسرى أسفل ذقنه وفرقت بين شفتيه بيدها اليمنى ونظرت إلى أسنانه. ثم طافت بجانبه نزولا بالعنق وحول الصدر حتى هبطت للقائمتين الأماميتين. قارنت بينهم من حيث العمود الفقري، والخاصرة والجوانب والذيل، من كل زاوية. مثلما يبحث الجراح عن الداء الخفي، راحت الصغيرة تتفحص تلك الخيول، وقد أدرك جيمي فجأة أنها تعلم من أمر الخيول أكثر مما يعلم هو. إذ راحت تتفقد نقاطا لم تخطر له. هكذا وقف على مسافة مستمتعا وظل يشاهدها وهي تتفحص الخيول الثلاثة فحصا دقيقا. وحين فرغت من الأمر، تقدمت أمامهم.
وأشارت إلى واحد وقالت: «ذلك أفضلهم طباعا، لكنه ضعيف وبطيء. وذلك حسن الطباع. سوف يكون رزينا ويعمل اليوم بطوله. أعتقد أن نفسه طويل.»
ثم نظرت إلى الأخير. «وهذا بداخله قدر كبير جدا من المشاغبة. لن تعلم متى سيرفس ومتى سيشب، لكنه لن يعلم حين تريده أن ينعطف سريعا أو ينزلق على سفح جبل بدلا من أن يسير. ربما هذا يجعلكما متعادلين. إنه سيذهب إلى أي مكان وسيظل محتفظا بنشاطه لأطول وقت، لكنه سيستغرق وقتا طويلا قبل أن يستطيع الشخص الذي يملكه أن يثق فيه بحق.»
قال جيمي: «حسنا، غالبا ما يكون الأمر كذلك بقدر ما أعلم. الآن، فلتضعي السرج وسأعطيك ساعتين لتجربيهم. سوف أمضي للشاطئ وأستلقي في الشمس بعض الوقت. لقد اعتدت ذلك في هذا الوقت من النهار حتى إنني أشتاق إلى حمام الشمس حين لا أحصل عليه. أما الماء المالح فسأستغني عنه اليوم.»
قالت جين: «انتظر برهة. ابق قليلا.»
أطلقت ساقيها السريعتين للريح متجهة إلى كشك قريب. وعند رجوعها جاءت لجيمي وناولته كيسا ورقيا.
فقال جيمي بجدية وهو يتناول الكيس: «شكرا جزيلا.»
ثم اتجه للعامل.
وقال: «فلتسمح لهذه السيدة الشابة بركوب كل من الخيول الثلاثة في أنحاء المضمار بقدر ما تريد. وحين تقرر ما ستختاره، سأعود لأصطحبها إلى المنزل. هلا حرصت على أن تحصل على أي شيء تريده إذا تكرمت؟»
قال العامل إنه سيفعل وذهب لإحضار السرج. نكزت جين بمقدمة حذائها تراب الإسطبل ثم رمقت جيمي بنظرات جانبية.
صفحه نامشخص