بعد سعيد بن بشير في أيام عبد الرحمن بن الحكم، وعجل صرفه بالأسوار بن عقبة الوالي بعده سنة عشر ومائتين.
ذكر ذلك ابن عبد البر، ولم يذكر أنه أعيد إلى القضاء مرة ثانية.
وحكى ابن حارث أن الأمير عبد الرحمن أعاده إلى القضاء مرة ثانية، وذلك الصحيح والدليل عليه أن يحيى بن معمر صلى بالناس صلاة الخسوف بقرطبة، وهو قاض، في مسجد أبي عثمان من الربض الغربي سنة ثمان عشرة ومائتين. روى ذلك أحمد بن خالد عن ابن وضاح قال: صليت الخسوف مع يحيى بن معمر سنة ثمان عشرة ومائتين.
الأسوار بن عقبة قال محمد بن حارث: هو أبو عقبة الأسوار بن عقبة النصري، وكان من أهل جيان، فاستقدمه الأمير عبد الرحمن إلى قرطبة، وولاه قضاء الجماعة بها، أشار به عليه يحيى بن يحيى عند عزل ابن معمر. وكان من أهل التحري والتواضع وحسن السيرة واقتفاء السلف، حتى إنه كان يتصرف - زعموا - في مهنة أهله، ويحمل خبزه إلى الفرن بنفسه، وعلى ذلك فما سلم من فقهاء قرطبة. وهو الذي ابتنى المسجد الذي يعرف بمسجد الأسوار في الزقاق الكبير بقرطبة.
وقال ابن عبد البر: الأسوار بن عقبة، كان رجلًا صالحًا عاقلًا فاضلًا مسمتًا حسن الحكم مستقيم القضاء وكان الفقيه محمد بن عيسى الأعشى كثير الدعابة لا يصبر عنها، فكان يقول للأسوار قبل أن يلي القضاء: كيف حالك يا أبا عقبة؟ - مفتوحة العين مثقلة -، فلما ولي القضاء أتاه محمد بن عيسى، فشهد عنده مع آخر من أهل القبول، فأعلم برد اسم محمد دونه، وقال للمشهود له: زدني بينة! وذلك بمحضر الأعشى.
1 / 193