أميرها لجعفر المتوكل أيضًا سنة أربع وثلاثين ومائتين، فلم يزل قاضيًا إلى أن توفي في صدر رجب سنة أربعين ومائتين.
وأما سعيد بن سليمان الأندلسي فإنه ولاه قضاء قرطبة أمير الأندلس عبد الرحمن بن الحكم، أحسبه في سنة أربع وثلاثين ومائتين - والشك مني - فلم يزل قاضيه إلى أن مات الأمير عبد الرحمن سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وولي الأمر بعده ابن الأمير محمد ابن عبد الرحمن، فأقره على القضاء وعمل له نحو سنتين إلى أن مات بقرطبة، وهو على قضائه. ولا أعلم له عقبًا.
وذكر عن أحمد بن عبد الله بن أبي خالد أن الأمير عبد الرحمن اختاره لجميل الثناء عليه، وأرسل فيه يستدعيه للقضاء، فجلس للحكم في المسجد، وعليه جبة صوف بيضاء، وفوق رأسه قلنسوة بيضاء من فضل جبته، فلما أن نظر إليه الوكلاء الذين يخاصمون عن الناس عند القضاة ازدروه واستغبوه، وطلبوا الإنذار فيه، فجاءوا في مغيبه عن المسجد بقفة مملوءة من قشور البلوط، ووضعوها تحت الحصير الذي كان يجلس فوقه فلما اقترشه عند استواء جلوسه أقض عليه وتوحش من صوت احتكاكه، فتتحول عنه، ونظر إلى القشور، فأنكر مكانه، وجلس على ملل بذلك، وذكر له أن الوكلاء فعلوا ذلك وصح عنده ما قيل له فيهم.
فلما أتوه من بعد ذلك قال لهم: يا معشر الخصماء، عيرتموني بأني بلوطيٌ، وذلك ما لا خفاء به! أشهد على نفسي أن بلوطي: عود الله صليب لا تفلون فيه. ثم حلف لهم بأثر كلامه هذا أن لا يخاصموا عنده سنة، فكاد أن يورثهم الفقر.
وذكر محمد بن عمر بن لبابة عن محمد بن أحمد العتبي قال:
1 / 189