المرشح من بينهم للأمر، لصدق نفسه على كون ما بينهما في الرجاحة والفضل، وتغليبه لرأيه فيه على هواه، لمعصيته لحظيته طروب. فلما أعيا عليها وعلى نصر ظهيرها لفته عن ذلك شق ذلك على نصر، وفكر في سوء عاقبته مع محمد إن خلص له الأمر، وقد كشف وجهه في صده عنه، فذهب إلى احتيال الأمير مولاه كيما يتمكن من نصب عبد الله ودحر محمد، فأتى الأمر من باب طبيب الأمير المعروف بالحراني، وكان يثق به، فخلا معه، وقال له: ما ترى رأيك في شيء تحوز به حسن رأيي، وتعجيل العطاء الرغيب مني، وتعتقد المنة علي؟.
فقال: يا سيدي. بعض هذا غاية أملي! فكيف لي ببلوغه؟! فقال له: فقد أمكنك! فخذ هذه الألف دينار ابتداء، فأصلح بها من شأنك، واعمل لي سنون الملوك، من أجل ما تقدر عليه وأوحاه فعلًا، فيدك فيما عندي منطلقة! فأعده لميقاتك الذي أعرفك به.
فلم يخطر على عصيانه، وأراه الرغبة في صلته، والحرص على قضاء حاجته، وقبض الألف منه، وعمل له السنون كما أراده.
واتفق أن شكا الأمير إلى نصر فتورًا يجده، فأشار عليه بالدواء المسهل، وكان من عادته، فذكره بإدخاله، وأوصل إليه طبيبه الحراني، فوافقه على إدخال الدواء، وحد له تقديمه، ورسم له التوحش لإدخاله ليوم سماه، فتقدم الأمير إلى نصر بإدخال الحراني إلى خزانة الطب، وتمكينه مما يريد من أخلاط دوائه ليقيمه على حده، فشرع الحراني في ذلك، وفجر ثقة الأمير تطالعه بوصاياه، فأمكنت الحراني منها فرصة أوحى إليها
1 / 155