102

مقدمة ابن الصلاح

علوم الحديث

پژوهشگر

نور الدين عتر

ناشر

دار الفكر- سوريا

محل انتشار

دار الفكر المعاصر - بيروت

إِنْ حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ. وَإِنْ كَانَ يُحَدِّثُ بِالْمَعْنَى اشْتُرِطَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَا يُحِيلُ الْمَعَانِيَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَنُوَضِّحُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ بِمَسَائِلَ: إِحْدَاهَا: عَدَالَةُ الرَّاوِي تَارَةً تَثْبُتُ بِتَنْصِيصِ مُعَدِّلَيْنِ عَلَى عَدَالَتِهِ، وَتَارَةً تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ، فَمَنِ اشْتَهَرَتْ عَدَالَتُهُ بَيْنَ أَهْلِ النَّقْلِ أَوْ نَحْوِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَشَاعَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِالثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ، اسْتُغْنِيَ فِيهِ بِذَلِكَ عَنْ بَيِّنَةٍ شَاهِدَةٍ بِعَدَالَتِهِ تَنْصِيصًا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ﵁، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ فِي فَنِّ أُصُولِ الْفِقْهِ. وَمِمَّنْ ذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ، وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِمَالِكٍ، وَشُعْبَةَ، وَالسُّفْيَانَيْنِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ فِي نَبَاهَةِ الذِّكْرِ وَاسْتِقَامَةِ الْأَمْرِ، فَلَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ هَؤُلَاءِ وَأَمْثَالِهِمْ، وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ مَنْ خَفِيَ أَمْرُهُ عَلَى الطَّالِبِينَ. وَتَوَسَّعَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْحَافِظُ فِي هَذَا فَقَالَ: " كُلُّ حَامِلِ عِلْمٍ مَعْرُوفُ الْعِنَايَةِ بِهِ فَهُوَ عَدْلٌ، مَحْمُولٌ فِي أَمْرِهِ أَبَدًا عَلَى الْعَدَالَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ جَرْحُهُ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: " يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ

1 / 105