مقابسات
المقابسات
پژوهشگر
حسن السندوبي
ناشر
دار سعاد الصباح
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٩٩٢ م
جميع علائقه وغواشيه، ولولا ذلك لكان يجب أن لا يثبت هذا القول ها هنا على وجهه، ولعمري إن عقله وعقل ضربائه كذلك، ولا أزيد على تهجينه بما يخرج عن حد الأدب المرضي، ويزايل أحكام الخلق الزكي، وقد جرى هذا الكتاب في ترتيب العقل وتحقيق المعقول وبلوغهما إلى ما يكون به العاقل عقلًا ومعقولًا ما يشفي الغلة، فانتبه واسعد به.
المقابسة الخامسة والخمسون
في أن بعض المسائل توجد بالفكر والروية
وبعضها بالخاطر والإلهام
سئل أبو سليمان فقيل له: لم وحد فينا شيء لا يبرز إلا بالروية والفكر والتصفح والقياس، وشيء بالخاطر والبديهة والإلهام والوحي والكلفة حتى كأنه كان حاضرًا بنفسه مترصدًا لبروزه؟ فقال: لأن البديهة تحكي الجزء الآلهي بالانبجاس، وتزيد على ما يغوص عليه القياس ويسبق الطالب والمتوقع. والروية تحكي الجزء البشري، وكذلك الفكر والتتبع والإستمداد والتوقع، فمن أجل انقسام الإنسان بين شيء ينبعث به مسشتاقًا إلى مطلوبه، وبين شيء يبعثه شائقًا إلى مطلوبه، ما وجب أن يكون له روية، وهي به، وبديهة هي إليه. وكان يقول: ولهذا لا تتوفر القوتان معًا بالإنسان الواحد، أي لا يوجد الإنسان غاية في البديهة غاية في الروية، لأن إحدى القوتين إذا اشتغلت قمعت الأخرى وحاجزتها عن بلوغ الغاية القصوى.
قلت له: فأي القوتين أشرف؟ فقال: كلتاهما على غاية الشرف، إلا أن البديهة أبعد من معاني الكون
1 / 238