جلال الدين السيوطي بسم الله الرحمن الرحيم فرع: قال في شرح المهذب: من البدع المنكرة ما يفعل في كثير من البلدن من إيقاد العظيمة السرف في ليالي معروفة من السنة كليلة نصف شعبان فيحصل بسبب ذلك مفاسد كثيرة. منها: مضاهاة جلوس المجوسي في الاعتناء بالنار والاكثار منها. ومنها: إضاعة المال في غير وجهه. ومنها: ما يترتب على ذلك في كثير من المساجد من اجتماع الصبيان وأهل اليطالة ولعبهم ورفع أصواتهم ولقربانهم المساجد وانتهاك حرمتها وحصول أساخ فيها وغير ذلك من المفاسد التي يجب صيانه المسجد من أفادها (1). انتهى. قال ابن العماد: ومن المفاسد أيضا ما يفعل في الجوامع من إيقاد الفناديل وتركها إلى أن تطلع الشمس وترتفع، وهو من فعل اليهود في كنائسهم كما نبه على ذلك الشيخ زين الدين الكناني وأكثر ما يفعل ذلك في يوم العيد وهو حرام. قال: ويشبه ذلك وقود الشمع الكثير ليلة عرفة، وقد ذكر النووي في شرح المهذب أنه حرام شديد التحريم. وقال ابن الحاج في المدخل: ليس للانسان في المسجد إلا موضع قيامه وسجوده وجلوسه وما زاد على ذلك فلسائر المسلمين (1) فإذا بسط لنفسه شيئا ليصلي عليه احتاج لاجل سعة ثوبه أن يبسط شيئا كثيرا ليعم ثوبه على سجادته فيكون في سجادته اتساع فيمسك بسبب ذلك موضع رجلين أو نحوهما إن سلم من الكبر من أنه لا يضم إلى سجادته أحدا. قال فإن لم يسلم من ذلك وولى الناس عنه وتباعدوا منه هيبة لكمه وثوبه وتركهم وهو لم بالقرب إليه فيمسك ما هو أكثر من ذلك فيكون غاصبا لذلك القدر من المسجد فيقع بسبب ذلك في المحرم المتفق عليه المنصوص عن صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم حيث قال: (من غصب شبرا من الارض طوقه يوم القيامة إلى سبع أرضين) (2) وذلك الموضع الذي أمسكه بسبب قماشه وسجادته ليس للمسلمين به حاجة في الغالب إلا وقت الصلاة وهو في وقت الصلاة وهو في وقت الصلاة غاصب له فيقع في هذا الوعيد بسبب قماشه وسجادته وزيه، فإن بعث بسجادته إلى المسجد في أول الوقت أو قبله ففرشت له هناك وقعد هو إلى أن يمثلئ المسجد بالناس ثم يأتي كان غاصبا لذلك الموضع الذي عملت السجادة فيه لانه ليس له أن يحجره وليس لاحد فيه إلا موضع صلاته انتهى. فرع: قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد (3): وأما فضيلة المساجد فليست راجعة إلى أجرامها ولا إلى اعراض قامت بأجرامها وإنما ترجع فضيلتها إلى مقصودها من إقامة الجماعات والجمعات فيها وذلك الاعتكاف فيها، ولذلك منع من البيع والشراء فيها، وإيداع الامكان والازمان لهذه الفضائل كإيداع الانبياء والرسل النبوة والرسالة ليست إلا جودا من الله ولذلك قالت الرسل لقومهم (إن نحن إلا بشر مثلهم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده) وكذلك سائر الاوصاف الشراف لم يضعها الرب سبحانه في من شاء من عباده لمعنى اقتضاها واستدعاها بل ذلك من فضل الله يؤتيه من يشاء، كذلك من من به من المعارف والاحوال وحسن الاخلاق، ولم يكن ذلك إلا فضلا من فضله وجودا من جوده على من يشاء من عباده. وكذلك الامكان والازمان أودع الله في بعضها فضلا لاجودله في غيرها مع القطع بالتماثل والمساواة. وكذلك الاجسام التي فضلت بأعراضها كالذهب والفضة وسائر الجواهر النفيسة. فرع: قال ابن العماد: قال بعض مشايخنا: الابخر ومن به صنان مستحكم حكمه حكم من أكل الثوم والبصل (1) في منع دخول المسجد وأولى، وفي فتاوى ابن تيمية وبه صرح المالكية أن من بالجذام والبرص وهو من سكان المدارس والرباطات أزعج وأخرج لقوله صلى الله عليه وسلم لا يورد عاهة على مصح) (2). قال ابن العماد: وعلى هذا فيمنع من به برض أو جذام أو صنان مستحكم أو يخر من الجماعات والجمعات ولا يمنع وحده خلف الصفوف ولا يمنع الغير من الصلاة معه وللغير من الوقوف معه ويمنع المجذوم والارص من الشرب من السقايا المسبلة في المساجد وغيرها للحديث السابق، وحكم من رائحة ثيابه كريهة كثياب الزياتين والدباغين ونحو هم حكم آكل الثوم (1). وقد نقل الخصوصي مسألة الابخر ومن به صنان عن شيخه البلقيني فهو الذي أشار به ابن العماد قال: ويستحب لقاصد المسجد أن يتوضا في بيته لحديث: قال الله تعالى إن بيوتي في أرضى المساجد وإن زواري فيها عمارها وطوبى لعبد تطهر في بيته زارني في بيتي انتهى. قال الزركشي: يجوز دخول الذمي المسجد بلا إذن لحاجة إلى مسلم أو حاجة مسلم إليه. ذكره الروياني وفيه نظر (2). انتهى. قال في شرح المهذب: جاء في دخول الحمام عن السلف آثار متعارضة في الاباحة والكراهة. وأما أصحابنا فكلا مهم فيه قليل وممن تكلم فيه من أصحابنا الامام الفقيه الحافظ أبو بكر السمعاني: جملة القول في دخول الحمام أنه مباح للرجال بشرط الستر (3) وغض البصر ومكروه للنساء إلا لعذر من نفاس أو مرض.
صفحه ۱۰۲