منتهى الطلب من أشعار العرب
منتهى الطلب من أشعار العرب
أقمتُ لهُ الزيغَ من رأيهِ ... وبالخيرِ نحوي منَ الشرِّ لاثا
وقومٍ غضابِ ولم أشكهم ... تغشونني حسدًا وابتحاثا
ويهدونَ لي منهمُ غيبةً ... يعضلُ دوني عوجًا رثاثا
أمرُّ فيغضونَ من ظنتي ... كأنهمُ يكلحونَ الكراثا
وتعطي المحاولَ تحميلهم ... خلائق منهم لئامًا خباثا
لهم مجلسٌ يهجرونَ التقى ... وينتجثونَ القبيحَ انتجاثا
إذا أصبحوا لم يقولوا الخنا ... ولم يأكلوا الناسَ أضحوا غراثا
تجاوزتُ عن جهلهم رغبةً ... وهم يعرضونَ لحومًا غثاثا
ولو شئتُ نحيتُ عيدانهم ... عن النبعِ لم يكُ صمَّ اعتلاثا
ولكن نرى الحلمَ فضلًا ولا ... نحاولُ قطعَ الأصولِ اجتثاثا
ونزلتهم قدرَ أحسابهم ... موالي كانوا لنا أو تراثا
نكون لهم خطرًا مثلهم ... ومن شاءَ خارَ بقولٍ وهاثا
إذا كانَ ليثُ الشرى ثعلبًا ... وأصبحَ صقرٌ عتيقٌ بغاثا
أعدُّ أسامةَ أو ذا الشياحِ ... بلعاءَ في رهطهم أو قباثا
ألاكَ بنو الحربِ مشبوبةٍ ... تجرُّ الدماءَ وتلغي المغاثا
صناديدُ غلبٌ كأسدِ الغريفِ ... خضمًا وهضمًا وضغمًا ضباثا
ولسنا كمن ينثني صدقهُ ... كأنَّ العدوَّ بهِ الملحَ ماثا
تطيعُ إذا النصحُ يومًا بدا ... وتأبى مرارًا فتعصي حناثا
تم المختار من شعر عروة ابن أذينة الكناني الليثي
المتوكل الليثي
وقال المتوكل بن عبد الله بن نهشل بن مسافع بن وهب بن عمر بن لقيط بن يعمر بن عوف بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. وكان كوفيًا منزله بالكوفة في عهد يزيد بن معاوية وكان يكنى أبا جهمة:
للغانياتِ بذي المجازِ رسومُ ... فببطنِ مكةَ عهدهنَّ قديمُ
فبمنحرِ الهدي المقلدِ من منى ... جددٌ يلحنَ كأنهنَّ وشومُ
هجنَ البكاءَ لصاحبي فزجرتهُ ... والدمعُ منهُ في الرداءِ سجومُ
قال انتظر نستحفِ مغنى دمنةٍ ... أنى انتوت للسائلين رميمُ
قلتُ انصرف إنَّ السؤالَ لجاجةٌ ... والناسُ منهم جاهلٌ وحليمُ
فأبى بهِ أن يستمرَّ عن الهوى ... لنجاحِ أمرٍ لبهُ المقسومُ
والحبُّ ما لم تمضين لسبيلهِ ... داءٌ تضمنهُ الضلوعُ مقيمُ
أبلغ رميمَ على التنائي أنني ... وصالُ إخوانِ الصفاءِ صرومُ
أرعى الأمانة للأمينِ بحقها ... فيبينُ عفا سرهُ مكتومُ
وأشدُّ للمولى المدفعِ ركنهُ ... شفقًا من التعجيزِ وهو مليمُ
ينأى بجانبه إذا لم يفتقر ... وعليَّ للخصمِ الألدِّ هضيمُ
إن الأذلةَ واللئامَ معاشرٌ ... مولاهمُ المتهضمُ المظلومُ
وإذا أهنتَ أخاك أو أفردته ... عمدًا فأنتَ الواهنُ المذمومُ
لا تتبع سبلَ السفاهةِ والخنا ... إنَّ السفيهَ معنفٌ مشتومُ
وأقم لمن صافيتَ وجهًا واحدًا ... وخليقةً إنَّ الكريمَ قؤومُ
لا تنهَ عن خلقٍ وتأتيَ مثلهُ ... عارٌ عليكَ إن فعلتَ عظيمُ
وإذا رأيتَ المرءَ يقفو نفسهُ ... والمحصناتِ فما لذاكَ حريمُ
ومعيري بالفقرِ قلتُ لهُ اقتصد ... إني أمامك في الزمانِ قديمُ
قد يكثرُ النكس المقصرِ همهُ ... ويقلُّ مالُ المرءُ وهو كريمُ
تراكُ أمكنةٍ إذا لم أرضها ... حمالُ أضغانٍ بهنَّ غشومُ
بل ربَّ معترضٍ رددتُ جماحهُ ... في رأسهِ فأقرَّ وهو لئيمُ
أغضى على حدِّ القذى إذ جئتهُ ... وبأنفهِ مما أقولُ وسومُ
أنضجتُ كيتهُ فظلَّ منكسًا ... وسطَ النديِّ كأنهُ مأمومُ
متقنعًا خزيانَ أعلى صوتهِ ... بعدَ اللجاجةِ في الصراخِ نئيمُ
أقصر فأني لا يرومُ عضادتي ... يا بنَ الجموحِ موقعٌ ملطومُ
وإذا شربتَ الخمرَ فابغِ تعلةً ... غيري يئينُ بها إليك نديمُ
أنى تحاربني وعودكَ خروعٌ ... قصفٌ وأنتَ من العفافِ عديمُ
ما كان ظهري للسياطِ مظنةً ... زمنًا كأني للحدودِ غريمُ
قد كنتُ قلتُ وأنتَ غيرُ موفقٍ ... ماذا زويملةُ الضلالِ يرومُ
أنتَ امرؤٌ ضيعتَ عرضكَ جاهلٌ ... ورضيتَ جهلًا أن يقالَ أثيمُ
1 / 97