منقذ
المنقذ: قراءة لقلب أفلاطون (مع النص الكامل للرسالة السابعة)
ژانرها
12 (333ب)، ومن أثينا، ولقن ديونيزيوس درسا أبعد ما يكون عن الدروس النظرية
13 (333ج)، وبعد أن تم له تحرير المدينة مرتين وتسليمها لأهل سيراقوزة، وقف منه هؤلاء نفس موقفهم السابق من ديونيزيوس. فقد حاول ديون أن يتدخل في توجيه حياته كلها وأن يجعل منه حاكما جديرا بعرشه، ولكنه فضل أن ينضم إلى صفوف أعدائه الذين أوحوا إليه أن ديون لم يفعل كل ما فعله في ذلك الوقت إلا لرغبته في الانفراد بالحكم
14 (333ج)، وأن هدفه من تعليمه هو أن يوقعه في سحر الفلسفة فيهمل شئون الحكم ويعهد بها إلى ديون الذي يتمكن عندئذ من السيطرة عليها وحرمان ديونيزيوس من ملكه بحيلة لئيمة.
انتصرت هذه الإشاعات في ذلك الحين، ثم انتصرت مرة أخرى عندما انتشرت في سيراقوزة، غير أنه كان انتصارا بشعا ومخجلا لأولئك الذين تحملوا وزره، وينبغي أن يوضح أمره لهؤلاء الذين يسألونني النصح في الظروف الحاضرة. (333د) لقد حضرت من موطني أثينا إلى بلاط الطاغية كصديق وحليف لديون رغبة مني في إقرار المودة والصداقة بينهما بدلا من الشقاق والعداء، غير أنني انهزمت في صراعي مع الوشاة والمرجفين. وحاول ديونيزيوس بالهدايا والصلات وأسباب التكريم المختلفة أن يكسبني إلى جانبه وأن يقنعني بالشهادة «أمام الرأي العام» بأنه كان على حق عندما نفى ديون، ولكنه أخفق في محاولته إخفاقا ذريعا. وعندما رجع ديون بعد ذلك بفترة إلى سيراقوزة أحضر معه من أثينا «نفسها» أخوين،
15
كان قد كسب صداقتهما لا عن طريق الاهتمامات الفلسفية المشتركة بل عن طريق التعارف المألوف الذي تقوم عليه معظم الصداقات، ويتم عادة من خلال الزيارات المتبادلة والاشتراك في طقوس الأسرار الصغيرة أو الكبيرة، وأصبح هذان الأخوان صديقيه وحليفيه نتيجة الأسباب التي ذكرتها ولمساعدتهما له عند عودته. وعندما حضرا إلى صقلية ولاحظا أن أهلها الذين حررهم يشيعون عنه أنه يطمع في الحكم المستبد لم يكتفيا بخيانة الصديق الذي أسبغ عليهما كرم ضيافته، بل عمدا إلى اغتياله بأيديهما، وذلك عندما وقفا بجانب القتلة وأسلحتهم في أيديهم. ولست بحاجة إلى التعقيب على هذا الفعل البشع الخسيس؛ فهناك كثيرون غيري سيجعلون مهمتهم الآن وفي المستقبل أن يغنوا على هذا الوتر. ولكنني سأكتفي بالرد على نقطة واحدة لا يمكن السكوت عليها، وهي الزعم بأن مسلك هذين الرجلين قد لوث سمعة أثينا. وحسبي أن أشير إلى أن الرجل الذي رفض أن يخون ديون كان - كذلك - أثينيا، «وقد أبى أن يفعل ذلك» على الرغم من الثروة الطائلة والتكريم الذي كان يمكن أن يحصل عليه. فلم تكن الصداقة التي ألفت بينه وبين ديون صداقة عادية، وإنما قامت على المشاركة في الاهتمامات العقلية، ومثل هذه الصداقة هي التي ينبغي أن يعول عليها الإنسان العاقل، أكثر من أي صداقة قائمة على قرابة الروح
16
والجسم؛ ولهذا فليس من الإنصاف أن يقال إن قاتلي ديون قد لوثا سمعة أثينا، ومن يقول بذلك فإنما ينسب إليهما دورا لم يقوما به أبدا
17 (334ج).
لقد قلت هذا كله لكي أقدم النصح لأصدقاء ديون وأقاربه. فماذا بقي عندي لأنصحهم به؟ إنها نفس النصيحة ونفس الكلمات التي وجهتها لغيرهم في مناسبتين سابقتين، لا يجوز لصقلية ولا لغيرها من المدن أن تخضع للسلطة المطلقة،
صفحه نامشخص