١٧ -
(فَهُنَاكَ العَيْشُ وَبَهْجَتُهُ ... فَلِمُبْتَهِجٍ وَلِمُنْتَهِجِ)
فهناك أَي لَا فِي غَيره الْعَيْش وهجته أَي الْحَيَاة الْكَامِلَة وحسنها فلمبتهج أَي مسرور بِمَا حصل لَهُ من لذّة التجلّي على اخْتِلَاف رتبها ولمبتهج من النّهج وَهُوَ الطَّرِيق واستعير للتقوى فَالْمُرَاد ولمتّق وانتهاجه بانتقاله فعلا وَحَالا فِي مَعَاني التَّقْوَى الظَّاهِرَة والباطنة الموصلة إِلَى صفو الْيَقِين الْمُوجب للابتهاج أَي فاعجبوا لهذين الصفتين العظيمتين من بَين النَّاس لِأَن مَا عداهما إمّا هَالك أَو فِي الْخطر. . والتنوين فِيهَا للتعظيم والتنويع وَلما اخْتلفَا فِي الْمقَام اخْتلفَا فِي التَّعْبِير عمّا فِي الضَّمِير فالمبتهج يَقُول مخبرا بذوقه
(ذكرتك إِنِّي لَا نسيتك لمحة ... وأيسر مَا فِي الذّكر ذكر لساني)
(وكدت بِلَا وَجه أَمُوت من الْهوى ... وهام على الْقلب بالخفقان)
(فَلَمَّا أَرَانِي الوجد أَنَّك حَاضر ... شهدتك مَوْجُودا بِكُل مَكَان)
(فخاطبت مَوْجُودا بِغَيْر تكلم ... وَلَا حظت مَعْلُوما بِغَيْر عيان)
والمنتهج يَقُول مخبرا عَن حَال سيره ومجاهدة نَفسه بمراقبة ربه
(كَأَن رقيبا مِنْك. . برعى خواطري ... وَآخر يرْعَى ناظري ولساني)
(فَمَا رمقت عَيْنَايَ بعْدك منْظرًا ... لغيرك إِلَّا قلت قد رمقاني)
(وَلَا خطرت فِي السِّرّ منى خطرة ... لغيرك إِلَّا عرجًا بعنانى)
(وإخوان صدق قد بنيت حَدِيثهمْ ... وعرّجت عَنْهُم خاطري ولساني)
(وَمَا الدَّهْر أسلو عَنْهُم غير أننى ... وَجَدْتُك مشهودًا بِكُل مَكَان)
1 / 80