تقول لي: «أما قرأت البراءة؟ فبناديكتوس الرابع عشر رسم البطرك سمعان.» وأقول لك الآن: من قولك «رسم» عرفت أنك خوري وتلميذ رومية!
الأسقف، يا ملفان، لا يرسم مرتين، والبطرك أسقف مرسوم، وما رتبته هذه في السلك الديني إلا وظيفة. راجع براءة بناديكتوس التي كتبها بمناسبة اختياره المطران سمعان عواد.
إن براءتي بناديكتوس وبيوس متشابهتان نصا وموفدا، ولكنهما ما تشابهتا في الأساس، وأي حادث خطير دعا إلى مداخلة بيوس ليبرر به عمله؟
فلو تشابهت الأحداث التي دعت البابا بناديكتوس إلى اختيار المطران سمعان عواد بطريركا لقلنا: إن التاريخ يعيد نفسه، ولكن تعيين البطرك سمعان له مبرر - وهو قانوني - فليس لقداسة البابا بيوس الثاني عشر أن يبرر به موقفه اليوم منا؛ فالبطرك سمعان عواد انتخبه المطارين، فأبى هو قبول انتخابه زهدا وتعففا، فانتخبوا بقرعة ثانية المطران إلياس محاسب الغسطاوي.
وكان المطران طوبيا الخازن وقت الانتخاب غائبا، ولما عاد رفض انتخاب المطران إلياس محاسب ابن مقاطعته، واتفق مع المطران جبرائيل من طائفة السريان، ورسما مطرانين من الرهبان؛ هما: القس عبد الله حبقوق، والقس جرمانوس صقر الحلبي. وهذان المطرانان انتخبا المطران طوبيا الخازن الذي سامهما ليربح بهما الأكثرية.
ولأول مرة في تاريخ الموارنة ينتخب بطركان في آن واحد؛ أعني: إلياس محاسب وطوبيا الخازن، ثم عرض أمر انتخابهما على الكرسي الرسولي، فنظر فيه وألغى الانتخابين، وأقام البابا بناديكتوس الرابع عشر بأمره المطران سمعان عواد بطريركا؛ لأنه انتخب أولا ورفض، ولما أمره البابا أطاع، وطاعة الموارنة مشهورة.
وأرسل بناديكتوس قاصدا رسوليا من قبله هو البادري يعقوب دي لوكا الفرنسيسكاني، المحافظ على جبل صهيون في القدس، ومثله فعل أمس البابا بيوس الثاني عشر، فأرسل سفيره في القدس جريا على خطوات سلفه بناديكتوس.
والبابا بناديكتوس الرابع عشر قال في براءته: «أما في هذه البراءة فقد أوضحنا مصرحا أن انتخابنا هذا البطريرك لم يصدر منا لتبطيل حقوق الأساقفة الموارنة على انتخاب بطاركتهم فيما سيأتي من الأزمنة المستقبلة.»
كما قال في هذه الرسالة الحبرية:
لقد اعتمدنا على اقتفاء آثار سلفائنا في مثل هذا الأمر، فإنهم حددوا أولا أنه لا يتلف حق أحد، ولا يعدمون حق الانتخاب القانوني الحاصلين عليه.
صفحه نامشخص