وكان والد الموفق الإمام أبو العباس أحمد بن محمد بن قدامة رئيس هذا البيت المبارك. والشجرة الطيبة الطاهرة. وهو من أهل العلم والفضل والصلاح والزهد. وكان خطيب جمّاعيل.
هاجر إلى دمشق مع أخيه الشيخ أبي عمر وابن خالتهما الحافظ عبدالغني بن عبدالواحد الجماعيلي وابن أختهما الضياء صاحب المختارة وبنوهم وذووهم. وله عشر سنين. ونزلوا هناك في مسجد يعرف بمسجد أبي صالح ظاهر الباب الشرقي.
ثم انتقلوا بعد سنتين إلى سفح قاسيون من صالحية دمشق التي عناها ابن قاضي الجبل بقوله:
الصالحية جنة ... والصالحون بها أقاموا
فعلى الديار وأهلها ... مني التحية والسلام
وأنشأوا لهم حيًا في سفحه، وأصبحت لهم فيها مكانة مرموقة في العلم والإمامة والصلاح. فقصدهم طلبة العلم من فلسطين وغيرها وانضموا إلى حلقتهم.
وكان الموفق في هذه المدة مشتغلًا بحفظ القرآن، ومبادئ العلوم، ومتون فقه المذهب. ومنها مختصر الإمام أبي القاسم عمر بن الحسين الخرقي المتوفى بدمشق سنة ٣٣٤ هـ.
طلبه للعلم ورحلاته:
ولما بلغ الإمام الموفق العشرين من عمره رحل إلى مدينة السلام بغداد. موطن الأئمة الكرام والعلماء الأعلام لطلب العلم الشريف. وصحبه في هذه الرحلة الإمام الحافظ عبد الغني، فنزلا في مدرسة الإمام الشيخ عبدالقادر الجيلاني (١)، فلقيا منه
_________
(١) هو الشيخ عبدالقادر بن أبي صالح موسى بن عبدالله الجيلي البغدادي. ولد بكيلان سنة ٤٧١، ورحل إلى بغداد شابا، فسمع بها الحديث من أبي غالب بن الباقلاني، وجعفر السراج، وأبي بكر بن سوسن، وابن بيان، وأبي طالب بن يوسف، وابن خشيش، وأبي الزيني، وتفقه على القاضي أبي سعد المخرامي، وأبي الخطاب الكَلْوَذاني. وقيل: إنه قرأ أيضا على ابن عقيل، والقاضي أبي الحسين، وبرع في المذهب والخلاف والأصول، وغير ذلك. قال عنه ابن السمعاني: إمام الحنابلة وشيخهم في عصره. فقيه صالح. ر ذيل طبقات الحنابلة ١: ٢٩١، والنجوم الزاهرة ٥: ٣٧١، وطبقات الشعراني ١: ١٠٨ - ١١٤، وفوات الوفيات ٢: ٢، والكامل ١١: ١٢١.
1 / 18