وروى أبو هفان أن أبا نواس لما نشأ وتأدب وظرف ورغب فيه فتيان البصرة للمصادقة قال لا أصادق إلا رجلا غريبا شاعرا يشرب الخمر ويصفها ويصف المجالس ويكون له سخاء وشجاعة فذكروا له جماع فلم يحب أن يكون الرجل من أهل بلده فهرب إلى الكوفة وذكر له بها رجل من بني أسد يقال له والبة بن الحباب يشرب الخمر ويقول الشعر ويجمع الخصال التي أرادها أبو نواس فصار إليه فسأل عنه فقيل له إنه بطيزناباذ يشرب الخمر عند خمار هناك فصار إلى منزله فسأل عنه فأخبر بأنه في مجلسه فاستأذن عليه فأذنت له جاريه لوالبة فدخل فإذا والبة نائم سكران فقال للجارية أعندك ما يؤكل ويشرب قالت نعم قال هاتيه فجاءته بطعام فأكل وجاءته بشراب فلم يزل يشرب ويغني حتى نام مكانه فانتبه والبة فقال من هذا الرجل النائم فأخبرته الجارية خبره فقال هاتي لنا طعاما فأكل ولم يزل يشرب وأبو نواس نائم حتى نام والبة فانتبه أبو نواس فسأل عنه وعما كان من خبره فأخبرته الجاريه فقال هاتي طعامك فأكل ولم يزل يشرب ووالبة نائم حتى نام أبو نواس ثم انتبه والبة فسأل عن خبره فأخبرته فقال هاتي طعامك فأكل ولم يزل يشرب وأبو نواس نائم حتى نام والبة وانتبه أبو نواس فسأل عن خبره فأخبرته بما كان من أمره فدعا بماء وتطهر ودعا بالطعام والشراب ولم يزل كل واحد منهما على هذه الحال سبعة أيام لا يلتقيان وهما في مجلس واحد
ثم إن والبة أمر الجارية أن تحبس عنه الشراب إلى وقت قيامه فلما انتبه أبو نواس قال للجارية أصلحت طعامك قالت الآن يصلح قال لا قد عرفت ما أراد لعله قال لك دافعيه حتى أنتبه فقالت الجارية ما أحسبك إلا من الجن وما رأيت إنسيا على حالك فانتبه والبة فسأله عن خبره وحاله فأخبره بما قصد إليه فسر والبة به ووجه إلى أصحابه وندمائه فجعل لهم مجلسا وأخبرهم خبر أبي نواس وما قصد له فلبثوا على ذلك أياما في صبوح وغبوق
صفحه ۱۹