مختصر زاد المعاد

Muhammad ibn Abd al-Wahhab d. 1206 AH
155

مختصر زاد المعاد

مختصر زاد المعاد

ناشر

دار الريان للتراث

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

محل انتشار

القاهرة

الديني الذي يريد تأكيده، وقد حفظ عنه ﷺ الْحَلِفُ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِينَ مَوْضِعًا، وَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْحَلِفِ على صدق مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فِي (يُونُسَ) و(سَبَأٍ) و(التَّغَابُنِ) . وَمِنْهَا أَنَّ المشركين وأهل الفجور إذا طلبوا أمرا يعظّمون به حرمة من حرمات الله، أجيبوا إليه، وإن منعوا غيره، فيعانون على تعظيم ما فيه حُرُمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لَا عَلَى كُفْرِهِمْ وَبَغْيِهِمْ، ويمنعون ما سوى ذلك، فمن التمس المعاونة على محبوب لله تعالى أُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ كَائِنًا مَنْ كَانَ مَا لم يترتب عَلَى ذَلِكَ الْمَحْبُوبِ مَبْغُوضٌ لِلَّهِ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَهَذَا مِنْ أَدَقِّ الْمَوَاضِعِ وَأَصْعَبِهَا وَأَشَقِّهَا عَلَى النفوس، ولذلك ضاق عنه من أصحابه من ضاق، وقال عمر ما قال، وأجاب الصِّدِّيق فيها بجواب النبي ﷺ، وهذا يدل على أنه أفضل الصحابة، وأكملهم وأعرفهم بالله ورسوله ودينه، وَأَشَدُّهُمْ مُوَافَقَةً لَهُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلْ عمر إلا النبي، والصِّدِّيق خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ أَصْحَابِهِ. وَمِنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَدَلَ ذَاتَ الْيَمِينِ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: بَعْضُهَا مِنَ الْحِلِّ، وبعضها من الحرم، وروى أحمد في هذه القصة أنه كان ﷺ يُصَلِّي فِي الْحَرَمِ وَهُوَ مُضْطَرِبٌ فِي الحِل، وفيه كالدلالة على أن المضاعفة متعلقة بجميع الحرم لا تختص بالمسجد، وأن قوله: صلاة في مسجد الحرام، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾ [التوبة: ٢٨] (١) وقوله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [الإسراء: ١] (٢) . وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ نَزَلَ قَرِيبًا مِنْ مَكَّةَ، يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْزِلَ فِي الْحِلِّ، وَيُصَلِّيَ فِي الْحَرَمِ، وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصْنَعُ. ومنها جواز ابتداء الإمام بطلب الصلح إذا رأى المصلحة للمسلمين فيه، وفي قيام المغيرة على رأسه ﷺ بالسيف، ولم تكن عَادَتَهُ أَنْ يُقَامَ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ - سنة يقتدى بها عند قدوم رسل الكفار من إظهار العز والفخر وتعظيم الإمام، وليس هذا من النوع المذموم، كما أن الفخر والخيلاء في الحرب ليس مِنْ هَذَا النَّوْعِ الْمَذْمُومِ فِي غَيْرِهِ. وَفِي بَعْثِ البُدن فِي وَجْهِ الرَّسُولِ الْآخَرِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ إِظْهَارِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ لِرُسُلِ الْكُفَّارِ، وفي قوله ﷺ للمغيرة: أما

(١) سورة التوبة، الآية: ٢٨. (٢) سورة الإسراء، الآية: ١.

1 / 157