مختصر التحفة الاثني عشرية
مختصر التحفة الاثني عشرية
پژوهشگر
محب الدين الخطيب
ناشر
المطبعة السلفية
محل انتشار
القاهرة
ژانرها
عقاید و مذاهب
الثامن: منها ان الله تعالى لن يرضى بكفر أحد من عباده وضلالته، لقوله تعالى ﴿ولا يرضى لعباده الكفر﴾ قال الاثنا عشرية: يرضى الله عن ضلالة غير الشيعة، وكان الأئمة راضين بضلالة غيرهم أيضا. وروى صاحب (المحاسن) عن الإمام موسى الكاظم أنه قال لأصحابه: لا تعلموا هذا الخلق أصول دينهم وارضوا لهم بما رضي الله لهم من الضلال! (١) ولو صحت هذه الرواية لكانت لأهل السنة بشارة عظيمة حاصلة في أيديهم، فإنهم يعيشون بحسب ما رضي الله والحمد لله على ذلك وثبت لهم رضوان الله تعالى الذي هو غاية المنى لأهل الدين بشهادة الأئمة. أما علماء الشيعة، فلا بد لهم أن يكذبوا هذه الرواية لأنها مخالفة لأدلتهم القطعية وأصولهم الشرعية، إذ هي مناقضة لغرض الإمامة لوجوب الأصلح واللطف وهادمة لأساس بنيان قاعدتهم المقررة أن الله تعالى لا يريد الشرور والقبائح والكفر والمعاصي إذ الرضا فرع الإرادة وأخص منها، فنفيها نفيه.
التاسع: منها أن الله تعالى لا يجب عليه شيء كما هو مذهب أهل السنة، خلافا للشيعة فإنهم قاطبة متفقة كلمتهم بوجوب كثير من الأشياء عليه تعالى بحكم عقولهم، (٢) وليس هذا بملائم لمرتبة الربوبية والألوهية أصلا، وأية قدرة للعبد أن يوجب على مالكه الحقيقي شيئا، فكل ما أعطى فهو من فضله ورحمته وكل ما منع فهو من عدله وحكمته وهو المحمود في كل أفعاله، قال في نهج البلاغة: ومن خطبة له خطبها بصفين «أما بعد فقد جعل الله لي عليكم حقا بولاية أمركم، وجعل لكم على من الحق مثل الذي عليكم، والحق أوسع الأشياء في التواصف، وأضيقها في التناصف، لا يجري لأحد إلا جرى عليه خالصا على أحد إلا جرى له، ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجرى عليه لكان ذلك خالصا لله تعالى سبحانه دون خلقه، لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرت عليه صروف قضائه. ولكنه سبحانه جعل حقه على العباد أن يطيعوه، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضلا وتوسعا بما هو على المزيد أهله» انتهى بلفظه. قال جميع الإمامية بوجوب التكليف عليه تعالى، (٣) يعني يجب عليه تعالى أن يكلف المكلفين بأن يأمرهم وينهاهم وأن يقرر لهم
_________
(١) المحاسن: ٢/ ٣٠٨.
(٢) قال ابن المطهر الحلي: «الحق أن وجوب معرفة الله تعالى مستفاد من العقل وإن كان السمع قد دل عليه»، نهج الحق: ص ٥١.
(٣) ابن المطهر الحلي في نهج الحق: ص ٣٨١.
1 / 86