فقلنا مثل ذلك فقال المقداد بن عمرو: إذا يا رسول الله لا نقول كما قال قوم موسى: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾، بل نقاتل من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك فتمنينا معشر الأنصار لو أنا قلنا كما قال المقداد أحب إلينا من أن يكون لنا مال عظيم. فأنزل الله على رسوله: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ " الآية" ١. قال ٢ السدي: "بعدما تبين لهم أنك لا تفعل إلا ما أمرك الله به ٣") .
وقوله: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾ ٤. روى أحمد عن ابن عباس قال: "قيل لرسول الله ﷺ حين فرغ من بدر: عليك بالعير ليس دونها شيء، فناداه العباس وهو أسير إنه لا يصلح لك لأن الله (إنما وعدك إحدى الطائفتين، وقد أعطاك ما وعد ٥") .
وقوله: ﴿ليحق الحق﴾ ليس تكريرًا لأن الأول تمييز بين الإرادتين، وهذا بيان لغرضه فيما فعل من اختيار ذات الشوكة، فإنّه ما فعل إلا لهذا الغرض الذي هو سيد الأغراض.
وقوله: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ
_________
١ نفس المصدر والجزء/٢٨٧.
٢ في الأصل: ابن السدي.
٣ ابن جرير: ٩/١٨٤.
٤ سورة الأنفال آية: ٧-٨.
٥ ابن كثير: ٢/٢٨٨، أحكام القرآن: ٢/٨٤١.
1 / 7