وإن كان سببه يوم بدر فهو عام في كل كافر إذا بشرته الملائكة بالعذاب، كما في حديث البراء ١. وقوله: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ ٢ الآية، أي: أن الله لا يظلم، كما في الصحيح: "من وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ٣") . ولهذا قال: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ الآية، أي: فعل هؤلاء كما فعل من قبلهم، ففعلنا بهم كما فعلنا بأولئك. وقوله: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ﴾ ٤ أي: أن شر ما دب على الأرض ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ ٥، الذين كلما عاهدوا نقضوا. وقوله: ﴿وَهُمْ لا يَتَّقُونَ﴾ أي: لا يخافون الله فيما ارتكبوا من الآثام.
وقوله: ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ﴾ ٦ أي: تظفر بهم، ﴿فَشَرِّدْ بِهِمْ﴾ أي: نكل بهم، ومعناه غلظ عقوبتهم ليخاف غيرهم من الأعداء. وقوله: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ ٧ أي: إن خفت منهم نقضا لما بينك وبينهم من العهد، ﴿فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾ ٨ أي: أعلمهم أنك قد نقضت عهدهم، حتى يبقى علمك وعلمهم أنهم حرب سواء.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ ٩ أي: لو في حق الكفار. وروى الإمام أحمد عن سلمان أنه انتهى إلى حصن أو مدينة فقال لأصحابه: "دعوني أدعهم كما رأيت النبي ﷺ يدعوهم؛ فقال: إنما كنت رجلا منكم فهداني الله (إلى الإسلام، فإن أسلمتم
_________
١ ابن كثير: ٢/٣١٩.
٢ سورة الأنفال آية: ٥١.
٣ صحيح مسلم: ٤/١٩٩٤.
٤ سورة الأنفال آية: ٥٤-٥٥.
٥ سورة الأنفال آية: ٥٥.
٦ سورة الأنفال آية: ٥٧.
٧ سورة الأنفال آية: ٥٨.
٨ سورة الأنفال آية: ٥٨.
٩ سورة الأنفال آية: ٥٨.
1 / 21