مختصر تفسیر ابن کثیر

محمد علی صابونی d. 1450 AH
46

مختصر تفسیر ابن کثیر

مختصر تفسير ابن كثير

ناشر

دار القرآن الكريم

شماره نسخه

السابعة

سال انتشار

١٤٠٢ هـ - ١٩٨١ م

محل انتشار

بيروت - لبنان

ژانرها

- ٥١ - وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ - ٥٢ - ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ - ٥٣ - وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ يَقُولُ تَعَالَى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ﴾ فِي عَفْوِي عَنْكُمْ، لَمَّا عَبَدْتُمُ الْعِجْلَ بَعْدَ ذَهَابِ مُوسَى لِمِيقَاتِ رَبِّهِ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْمُوَاعَدَةِ، وَكَانَتْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْأَعْرَافِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ﴾ وكان ذلك بعد خلاصهم من فرعون وإنجائهم من البحر. وقوله تعالى: ﴿وإذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ يَعْنِي التَّوْرَاةَ، ﴿وَالْفُرْقَانَ﴾ وَهُوَ مَا يَفْرُقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْهُدَى والضلالة ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾، وَكَانَ ذَلِكَ أَيْضًا بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنَ الْبَحْرِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولى﴾.
- ٥٤ - وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ⦗٦٥⦘ هَذِهِ صِفَةُ تَوْبَتِهِ تَعَالَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عبادة العجل، حِينَ وَقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ شَأْنِ عِبَادَتِهِمُ العجل ما وقع ﴿فتوبوا إلى بَارِئِكُمْ﴾ أي إلى خالقكم. وفي قوله ههنا ﴿إِلَى بَارِئِكُمْ﴾ تَنْبِيهٌ عَلَى عِظَمِ جُرْمِهِمْ، أَيْ فَتُوبُوا إِلَى الَّذِي خَلَقَكُمْ وَقَدْ عَبَدْتُمْ مَعَهُ غيره، قال ابن جرير بسنده عن ابن عباس: أمر قومه عن أَمْرِ رَبِّهِ ﷿ أَنْ يَقْتُلُوا أَنْفُسَهُمْ قال: وأخبر الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْلَ فَجَلَسُوا، وَقَامَ الَّذِينَ لَمْ يَعْكُفُوا عَلَى الْعِجْلِ فَأَخَذُوا الْخَنَاجِرَ بِأَيْدِيهِمْ، وَأَصَابَتْهُمْ ظلمة شديدة فجعل يقتل بعضهم بعضًا، فانجلت الظلمة عنهم وقد جلوا عَنْ سَبْعِينَ أَلْفَ قَتِيلٍ، كلُّ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ كَانَتْ لَهُ تَوْبَةٌ، وَكُلُّ مَنْ بَقِيَ كانت له توبة. وَقَالَ السُّدِّيُّ: فِي قَوْلِهِ ﴿فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ﴾ قَالَ: فَاجْتَلَدَ الَّذِينَ عَبَدُوهُ وَالَّذِينَ لَمْ يَعْبُدُوهُ بِالسُّيُوفِ، فَكَانَ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ شَهِيدًا حَتَّى كَثُرَ الْقَتْلُ حَتَّى كَادُوا أَنْ يَهْلِكُوا، حَتَّى قتل منهم سَبْعُونَ أَلْفًا وَحَتَّى دَعَا مُوسَى وَهَارُونُ رَبَّنَا أهلكت بني إسرائيل ربنا البقية الباقية، فأمرهم أن يلقوا السِّلَاحَ وَتَابَ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ شَهِيدًا، وَمَنْ بَقِيَ مُكَفَّرًا عَنْهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرحيم﴾ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ وَأَحْرَقَ الْعِجْلَ وَذَرَّاهُ فِي الْيَمِّ خَرَجَ إِلَى رَبِّهِ بِمَنِ اخْتَارَ مِنْ قَوْمِهِ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ ثُمَّ بُعِثُوا، فَسَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ التَّوْبَةَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ فَقَالَ: لَا إِلَّا أَنْ يَقْتُلُوا أَنْفُسَهُمْ، قَالَ: فَبَلَغَنِي أَنَّهُمْ قَالُوا لِمُوسَى نَصْبِرُ لِأَمْرِ اللَّهِ، فَأَمَرَ مُوسَى مَنْ لَمْ يَكُنْ عَبَد الْعِجْلَ أَنْ يَقْتُلَ من عبده، فجعلوا يقتلونهم، فهش موسى، فبكى إِلَيْهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَطْلُبُونَ الْعَفْوَ عَنْهُمْ فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَعَفَا عَنْهُمْ، وَأَمَرَ مُوسَى أَنْ تُرْفَعَ عَنْهُمُ السُّيُوفُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زيد: لما رجع موسى إلى قَوْمِهِ، وكانوا سبعين رجالً قَدِ اعْتَزَلُوا مَعَ هَارُونَ الْعِجْلَ لَمْ يَعْبُدُوهُ، فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: انْطَلِقُوا إِلَى مَوْعِدِ رَبِّكُمْ، فَقَالُوا: يَا مُوسَى مَا مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: بلى ﴿اقتلوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ الآية، فاخترطوا السيوف والخناجر والسكاكين، قال: وبعث عليهم ضبابة فجعلوا يتلامسون بالأيدي ويقتل بعضهم بعضًا، ويلقي الرجل أباه وأخاه فيقتله وهو لا يَدْرِي. قَالَ: وَيَتَنَادَوْنَ فِيهَا رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا صَبَّرَ نَفْسَهُ حَتَّى يَبْلُغَ اللَّهَ رِضَاهُ، قَالَ فَقَتْلَاهُمْ شُهَدَاءُ وَتِيبَ عَلَى أَحْيَائِهِمْ ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.

1 / 64