Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
ناشر
دار السلام للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٦هـ
محل انتشار
الرياض
ژانرها
يقول: لعلكم ﴿إِنْ كُتِبَ﴾ [البقرة: ٢٤٦] فُرض ﴿عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ [البقرة: ٢٤٦] من ذلك الملك، ﴿أَلَّا تُقَاتِلُوا﴾ [البقرة: ٢٤٦] أن لا تفوا بما تقولون ولا تقاتلوا مَعَهُ، ﴿قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٤٦] قال الْكِسَائِيُّ: مَعْنَاهُ وَمَا لَنَا فِي أن لا تقاتل؛ فَحَذَفَ فِي، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ: وَمَا يَمْنَعُنَا أَنْ لَا نُقَاتِلَ في سبيل الله، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: أَنْ هَاهُنَا زَائِدَةٌ مَعْنَاهُ: وَمَا لَنَا لَا نُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ﴿وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا﴾ [البقرة: ٢٤٦] أَيْ: أُخْرِجَ مَنْ غُلِبَ عَلَيْهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ ظَاهِرُ الْكَلَامِ الْعُمُومُ وَبَاطِنُهُ الْخُصُوصُ، لِأَنَّ الَّذِينَ قَالُوا لِنَبِيِّهِمُ: ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانُوا فِي دِيَارِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ، وَإِنَّمَا أُخْرِجَ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّهُمْ قَالُوا مُجِيبِينَ لِنَبِيِّهِمْ: إِنَّمَا كُنَّا نَزْهَدُ فِي الْجِهَادِ إِذْ كُنَّا مَمْنُوعِينَ فِي بِلَادِنَا لَا يَظْهَرُ عَلَيْنَا عَدُوُّنَا، فَأَمَّا إِذَا بَلَغَ ذَلِكَ مِنَّا فَنُطِيعُ رَبَّنَا فِي الْجِهَادِ، وَنَمْنَعُ نِسَاءَنَا وَأَوْلَادَنَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا﴾ [البقرة: ٢٤٦] أَعْرَضُوا عَنِ الْجِهَادِ وَضَيَّعُوا أَمْرَ الله، ﴿إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ٢٤٦] وهم الَّذِينَ عَبَرُوا النَّهْرَ مَعَ طَالُوتَ وَاقْتَصَرُوا عَلَى الْغُرْفَةِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ٢٤٦]
[٢٤٧] ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا﴾ [البقرة: ٢٤٧] وَذَلِكَ أَنَّ إِشْمَوِيلَ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَبْعَثَ لَهُمْ مَلِكًا فَكَانَ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا، ﴿قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا﴾ [البقرة: ٢٤٧] أَيْ: مِنْ أَيْنَ يَكُونُ لَهُ الملك علينا؟ ﴿وَنَحْنُ أَحَقُّ﴾ [البقرة: ٢٤٧] أولى ﴿بِالْمُلْكِ مِنْهُ﴾ [البقرة: ٢٤٧]؟ إنما قَالُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي بني إسرائيل سبطان، سبط النبوة وسبط المملكة وَلَمْ يَكُنْ طَالُوتُ مِنْ أَحَدِهِمَا، إِنَّمَا كَانَ مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ بن يعقوب فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ ذَلِكَ، أَنْكَرُوا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ سِبْطِ الْمَمْلَكَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ قَالُوا: هُوَ فَقِيرٌ، ﴿وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ﴾ [البقرة: ٢٤٧] اختاره ﴿عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً﴾ [البقرة: ٢٤٧] فَضِيلَةً وَسَعَةً ﴿فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾ [البقرة: ٢٤٧] وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ أَعْلَمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي وَقْتِهِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ أَتَاهُ الْوَحْيُ حِينَ أُوتِيَ الْمُلْكَ، وقال الكلبي: (وَزَادَهُ بَسْطَةً) فَضِيلَةً وَسَعَةً فِي الْعِلْمِ بِالْحَرْبِ، وَفِيِ الْجِسْمِ بِالطُّولِ، وَقِيلَ: الْجِسْمُ بِالْجَمَالِ، وَكَانَ طَالُوتُ أَجْمَلَ رَجُلٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَعْلَمَهُمْ، ﴿وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٤٧] قِيلَ: الْوَاسِعُ ذُو السَّعَةِ وَهُوَ الَّذِي يُعْطِي عَنْ غِنًى، وَالْعَلِيمُ الْعَالِمُ، وَقِيلَ: الْعَالِمُ بِمَا كَانَ، وَالْعَلِيمُ بِمَا يَكُونُ، فَقَالُوا لَهُ: فَمَا آيَةُ مُلْكِهِ فَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ.
[٢٤٨] فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ﴾ [البقرة: ٢٤٨] وَكَانَتْ قِصَّةُ التَّابُوتِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ تَابُوتًا عَلَى آدَمَ فِيهِ
1 / 96