Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
ناشر
دار السلام للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٦هـ
محل انتشار
الرياض
ژانرها
اسم الشرك على من لم يُنْكِرُ إِلَّا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ؟ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ فَارِسٍ: لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ غَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ، وَقَالَ قَتَادَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَرَادَ بِالْمُشْرِكَاتِ الْوَثَنِيَّاتِ، فَإِنَّ عُثْمَانَ تَزَوَّجَ نَائِلَةَ بِنْتَ فَرَافِصَةَ وَكَانَتْ نَصْرَانِيَّةً فَأَسْلَمَتْ تَحْتَهُ، وَتَزَوَّجَ طَلْحَةُ بن عبد الله نصرانية ﴿وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢١] بجمالها ومالها، ﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا﴾ [البقرة: ٢٢١] هَذَا إِجْمَاعٌ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمَةِ أَنْ تَنْكِحَ الْمُشْرِكَ، ﴿وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ﴾ [البقرة: ٢٢١] يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ ﴿يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ [البقرة: ٢٢١] أَيْ: إِلَى الْأَعْمَالِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّارِ، ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٢١] أي: بقضائه وقدره وإراداته، ﴿وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ﴾ [البقرة: ٢٢١] أَيْ: أَوَامِرَهُ وَنَوَاهِيهِ، ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [البقرة: ٢٢١] يتعظون.
[٢٢٢] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢] أَيْ: عَنِ الْحَيْضِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ حَاضَتِ الْمَرْأَةُ تَحِيضُ حَيْضًا وَمَحِيضًا، كَالسَّيْرِ وَالْمَسِيرِ، وَأَصْلُ الْحَيْضِ الِانْفِجَارُ وَالسَّيَلَانُ، وَقَوْلُهُ: ﴿قُلْ هُوَ أَذًى﴾ [البقرة: ٢٢٢] أَيْ: قَذَرٌ، وَالْأَذَى كُلُّ مَا يُكره مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢] أَرَادَ بِالِاعْتِزَالِ تَرْكَ الْوَطْءِ، ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٢] أَيْ: لَا تُجَامِعُوهُنَّ، أَمَّا الْمُلَامَسَةُ والمضاجعة معها فجائزة ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] قَرَأَ عَاصِمٌ بِرِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَالْهَاءِ، حَتَّى يَغْتَسِلْنَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِسُكُونِ الطاء وضم الهاء مخفف، وَمَعْنَاهُ: حَتَّى يَطْهُرْنَ مِنَ الْحَيْضِ وينقطع دمهن، ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] يعني: اغتسلن ﴿فَأْتُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٢] أَيْ: فَجَامِعُوهُنَّ، ﴿مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٢٢] أَيْ: مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ أَنْ تعتزلوهن منه وهو الفرج، قال مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ وَقَالَ ابْنُ عباس: طؤوهنّ فِي الْفَرْجِ وَلَا تَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ، أَيِ: اتَّقُوا الْأَدْبَارَ، وَقِيلَ: من حيث بمعنى فِي حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى وهو الفرج، وقيل: فأتوهن من الْوَجْهَ الَّذِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَأْتُوهُنَّ وَهُوَ الطُّهْرُ، وَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ قَبَل الْحَلَالِ دُونَ الْفُجُورِ، وَقِيلَ: لَا تَأْتُوهُنَّ صَائِمَاتٍ وَلَا مُعْتَكِفَاتٍ وَلَا مُحْرِمَاتٍ وَأْتُوهُنَّ وغشيانهن لكم حلال ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] قَالَ عَطَاءٌ وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَالْكَلْبِيُّ: يُحِبُّ التَّوَّابِينَ مِنَ الذُّنُوبِ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ بِالْمَاءِ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالنَّجَاسَاتِ، وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: يُحِبُّ التَّوَّابِينَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمُتَطَهِّرِينَ مِنَ الشِّرْكِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: التَّوَّابِينَ مِنَ الشِّرْكِ وَالْمُتَطَهِّرِينَ مِنَ الذُّنُوبِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: التَّوَّابِينَ مِنَ الذُّنُوبِ لَا يَعُودُونَ فِيهَا وَالْمُتَطَهِّرِينَ مِنْهَا لَمْ يُصِيبُوهَا، وَالتَّوَّابُ الَّذِي كُلَّمَا أَذْنَبَ تَابَ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٢٥]
[٢٢٣] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] مقبلات ومدبرات ومستلقيات، و(أَنى) حَرْفُ اسْتِفْهَامٍ يَكُونُ سُؤَالًا عَنِ الْحَالِ وَالْمَحَلِّ، مَعْنَاهُ: كَيْفَ شِئْتُمْ وَحَيْثُ شِئْتُمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ أَنَّى شِئْتُمْ: إِنَّمَا هُوَ الْفَرْجُ، ومثله لَكُمْ أَيْ: مَزْرَعٌ لَكُمْ وَمَنْبَتٌ الولد بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ الَّتِي تُزْرَعُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَدْبَارِ، لِأَنَّ مَحَلَّ الْحَرْثِ وَالزَّرْعِ هُوَ القُبل لا الدبر ﴿وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] قَالَ عَطَاءٌ: التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ، يَعْنِي: إذا أتى أهله فليدْع وَقِيلَ: قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ، يَعْنِي: طَلَبَ الولد وقيل: هو التزوج بالعفائف ليكون الولد صالحًا وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَالسُّدِّيُّ: وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ، يَعْنِي: الْخَيْرَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ بِدَلِيلِ سِيَاقِ الْآيَةِ ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ﴾ [البقرة: ٢٢٣] صَائِرُونَ إِلَيْهِ فَيَجْزِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ، ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٢٣]
[٢٢٤] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٤] أي: لَا تَجْعَلُوا الْحَلِفَ بِاللَّهِ سَبَبًا مَانِعًا لَكُمْ مِنَ البرِّ وَالتَّقْوَى، يُدعى أَحَدُكُمْ إِلَى صِلَةِ رَحِمٍ
1 / 85