33

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

ناشر

دار السلام للنشر والتوزيع

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٦هـ

محل انتشار

الرياض

ژانرها

مِنْهَا، وَإِذَا أُسِرَ رَجُلٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ جَمَعُوا لَهُ حَتَّى يَفْدُوهُ وَإِنْ كَانَ الْأَسِيرُ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فتعيرهم العرب ويقولون: كَيْفَ تُقَاتِلُونَهُمْ وَتَفْدُونَهُمْ؟ قَالُوا: إِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَفْدِيَهُمْ، فَيَقُولُونَ فَلِمَ تقاتلوهم؟ قالوا: إنا نستحي أن تذل حُلَفَاؤُنَا، فَعَيَّرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ ﴿وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ﴾ [البقرة: ٨٥] فَكَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخَذَ عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةَ عُهُودٍ: تَرْكَ الْقِتَالِ وَتَرْكَ الْإِخْرَاجِ وَتَرْكَ الْمُظَاهَرَةِ عَلَيْهِمْ مَعَ أَعْدَائِهِمْ وَفِدَاءَ أَسْرَاهُمْ، فَأَعْرَضُوا عَنِ الْكُلِّ إِلَّا الْفِدَاءَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة: ٨٥] قَالَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: إِنْ وَجَدْتَهُ فِي يَدِ غَيْرِكَ فَدَيْتَهُ وَأَنْتَ تَقْتُلُهُ بِيَدِكَ، ﴿فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ﴾ [البقرة: ٨٥] يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ ﴿إِلَّا خِزْيٌ﴾ [البقرة: ٨٥] عَذَابٌ وَهَوَانٌ، ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [البقرة: ٨٥] فكان خزي بني قريظة القتل والسبي، وخزي بني النَّضِيرِ الْجَلَاءَ وَالنَّفْيَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ إِلَى أَذَرِعَاتٍ وَأَرِيحَاءَ مِنَ الشَّامِ، ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾ [البقرة: ٨٥] وهو عَذَابِ النَّارِ ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: ٨٥] [قوله تعالى أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا] بِالْآخِرَةِ [٨٦] قَوْلُهُ ﷿: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا﴾ [البقرة: ٨٦] اسْتَبْدَلُوا ﴿الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ﴾ [البقرة: ٨٦] يُهَوَّنُ ﴿عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ [البقرة: ٨٦] لَا يُمنعون مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ﷿. [٨٧] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا﴾ [البقرة: ٨٧] أعطينا ﴿مُوسَى الْكِتَابَ﴾ [البقرة: ٨٧] التوراة جملة واحدة، ﴿وَقَفَّيْنَا﴾ [البقرة: ٨٧] وأتبعنا، ﴿مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ﴾ [البقرة: ٨٧] رَسُولًا بَعْدَ رَسُولٍ، ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ﴾ [البقرة: ٨٧] الدَّلالات الْوَاضِحَاتِ، وَهِيَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَالْمَائِدَةِ، وَقِيلَ: أَرَادَ الْإِنْجِيلَ، ﴿وَأَيَّدْنَاهُ﴾ [البقرة: ٨٧] قويناه ﴿بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ [البقرة: ٨٧] اختلفوا فِي رُوحِ الْقُدُسِ، قَالَ الرَّبِيعُ وغيره: أراد الروح الذي لا نُفِخَ فِيهِ، وَالْقُدُسُ هُوَ اللَّهُ نَحْوَ بَيْتِ اللَّهِ وَنَاقَةِ اللَّهِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْقُدُسِ: الطِّهَارَةَ، يَعْنِي. الروح الطاهرة، قَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ: رُوحُ القدس جبريل ﵇، وقيل: وُصِفَ جِبْرِيلُ بِالْقُدُسِ أَيْ بِالطَّهَارَةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَرِفْ ذَنْبًا، وَقَالَ الْحَسَنُ: الْقُدُسُ هُوَ اللَّهُ وَرُوحُهُ جِبْرِيلُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ﴾ [النحل: ١٠٢] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: رُوحُ الْقُدُسِ هُوَ اسْمُ الله تعالى الأعظم الذي كان يحيي به الموتى، ويري الناس الْعَجَائِبَ، وَقِيلَ: هُوَ الْإِنْجِيلُ جَعَلَ لَهُ رُوحًا كَمَا جَعْلَ الْقُرْآنَ رُوحًا لِمُحَمَّدٍ ﷺ، لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِحَيَاةِ الْقُلُوبِ. فلما سمعت الْيَهُودُ ذِكْرَ عِيسَى ﵇، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ لَا مثلَ عِيسَى كَمَا تزعُم عملتَ، وَلَا كما يُقص عَلَيْنَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَعَلْتَ، فَأْتِنَا بِمَا أَتَى بِهِ عِيسَى إِنْ كُنْتَ صَادِقًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ﴾ [البقرة: ٨٧] يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ ﴿رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ﴾ [البقرة: ٨٧] تَكَبَّرْتُمْ وَتَعَظَّمْتُمْ عَنِ الْإِيمَانِ، ﴿فَفَرِيقًا﴾ [البقرة: ٨٧] طائفة ﴿كَذَّبْتُمْ﴾ [البقرة: ٨٧] مِثْلَ عِيسَى

1 / 40