136

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

ناشر

دار السلام للنشر والتوزيع

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٦هـ

محل انتشار

الرياض

ژانرها

وَلَا يَتْرُكُونَ جُهْدَهُمْ فِيمَا يُورِثُكُمُ الشَّرَّ وَالْفَسَادَ، وَالْخَبَالُ: الشَّرُّ وَالْفَسَادُ، وَنُصِبَ (خَبَالًا) عَلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي، لِأَنَّ (يَأْلُو) يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَقِيلَ: بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ بِالْخَبَالِ، كَمَا يُقَالُ أَوْجَعْتُهُ ضَرْبًا ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] أَيْ يَوَدُّونَ مَا يَشُقُّ عَلَيْكُمْ مِنَ الضُّرِّ وَالشَّرِّ وَالْهَلَاكِ، وَالْعَنَتُ المشقة، ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ﴾ [آل عمران: ١١٨] أَيِ: الْبُغْضُ، مَعْنَاهُ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ العداوة، ﴿مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] بِالشَّتِيمَةِ وَالْوَقِيعَةِ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَقِيلَ: بإطلاع المشركين على أسرار المسلمين، ﴿وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] من العداوة والغيظ، ﴿أَكْبَرُ﴾ [آل عمران: ١١٨] أَعْظَمُ، ﴿قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [آل عمران: ١١٨]
[١١٩] ﴿هَا أَنْتُمْ﴾ [آل عمران: ١١٩] تَنْبِيهٌ وَأَنْتُمْ كِنَايَةٌ لِلْمُخَاطَبِينَ مِنَ الذكور، ﴿أُولَاءِ﴾ [آل عمران: ١١٩] اسم للمشار إليه، يُرِيدُ أَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، ﴿تُحِبُّونَهُمْ﴾ [آل عمران: ١١٩] أَيْ: تُحِبُّونَ هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ الَّذِينَ نَهَيْتُكُمْ عَنْ مُبَاطَنَتِهِمْ لِلْأَسْبَابِ الَّتِي بَيْنَكُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ وَالرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ، ﴿وَلَا يُحِبُّونَكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٩] لِمَا بَيْنَكُمْ مِنْ مُخَالَفَةِ الدِّينِ، وقال مُقَاتِلٌ هُمُ الْمُنَافِقُونَ يُحِبُّهُمُ الْمُؤْمِنُونَ لِمَا أَظْهَرُوا مِنَ الْإِيمَانِ، وَلَا يَعْلَمُونَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ، ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾ [آل عمران: ١١٩] يَعْنِي بِالْكُتُبِ كُلِّهَا وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِكِتَابِكُمْ، ﴿وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا﴾ [آل عمران: ١١٩] وَكَانَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ ﴿عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [آلِ عمران: ١١٩] يَعْنِي: أَطْرَافَ الْأَصَابِعِ وَاحِدَتُهَا أُنْمُلَةٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا، مِنَ الْغَيْظِ، لِمَا يَرَوْنَ مِنَ ائْتِلَافِ الْمُؤْمِنِينَ وَاجْتِمَاعِ كَلِمَتِهِمْ، وَعَضُّ الْأَنَامِلِ عِبَارَةٌ عَنْ شِدَّةِ الْغَيْظِ وَهَذَا مِنْ مَجَازِ الْأَمْثَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ عَضٌّ، ﴿قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٩] أَيِ: ابْقَوْا إِلَى الْمَمَاتِ بِغَيْظِكُمْ، ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [آل عمران: ١١٩] أَيْ: بِمَا فِي الْقُلُوبِ مِنْ خير وشر.
[١٢٠] وقوله تعالى: ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ﴾ [آل عمران: ١٢٠] أي: تصبكم أيها المؤمنون ﴿حَسَنَةٌ﴾ [آل عمران: ١٢٠] بِظُهُورِكُمْ عَلَى عَدُوِّكُمْ وَغَنِيمَةٍ تَنَالُونَهَا مِنْهُمْ، وَتَتَابُعِ النَّاسِ فِي الدُّخُولِ فِي دِينِكُمْ، وَخِصْبٍ فِي مَعَايِشِكُمْ ﴿تَسُؤْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٢٠] تحزنهم، ﴿وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ﴾ [آل عمران: ١٢٠] مَسَاءَةٌ بِإِخْفَاقِ سَرِيَّةٍ لَكُمْ أَوْ إصابة عدو منكم، واختلاف يَكُونُ بَيْنَكُمْ أَوْ جَدْبٍ أَوْ نكبة، ﴿يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا﴾ [آل عمران: ١٢٠] على أذاهم ﴿وَتَتَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٢٠] تخافوا ربكم ﴿لَا يَضُرُّكُمْ﴾ [آل عمران: ١٢٠] أَيْ: لَا يَنْقُصُكُمْ، ﴿كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ١٢٠] قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ (لَا يَضُرُّكُمْ) بِكَسْرِ الضَّادِ خَفِيفَةٍ، يُقَالُ: ضَارَ يَضِيرُ ضَيْرًا، وَهُوَ جَزْمٌ عَلَى جَوَابِ الْجَزَاءِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَمِّ الضَّادِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مِنْ ضَرَّ يَضُرُّ ضَرًّا مِثْلَ رَدَّ يَرُدُّ رَدًّا وَفِي رَفْعِهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَرَادَ الْجَزْمَ، وَأَصْلُهُ يَضْرُرْكُمْ فَأُدْغِمَتِ الرَّاءُ فِي الرَّاءِ، وَنُقِلَتْ ضَمَّةُ الرَّاءِ الْأُولَى إِلَى الضَّادِ وَضُمَّتِ الثَّانِيَةُ اتِّبَاعًا، وَالثَّانِي: أَنْ تكون لَا بِمَعْنَى لَيْسَ وَيُضْمَرُ فِيهِ الْفَاءُ، تَقْدِيرُهُ: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَلَيْسَ

1 / 144