141

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

ناشر

دار السلام للنشر والتوزيع

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٦هـ

محل انتشار

الرياض

ژانرها

هَذِهِ الْآيَةُ بَعْدَ يَوْمِ أُحُدٍ حِينَ أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَصْحَابَهُ بِطَلَبِ الْقَوْمِ بعدما أصابهم من الحرج، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ﴾ [النِّسَاءِ: ١٠٤]
[١٤٠] ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ﴾ [آل عمران: ١٤٠] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ (قُرْحٌ) بِضَمِّ الْقَافِ حَيْثُ جَاءَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْفَتْحِ وَهُمَا لُغَتَانِ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ كَالْجُهْدِ وَالْجَهْدِ، وَقَالَ الفراء: بالفتح اسم للجراحة، وبالضم اسم لألم الْجِرَاحَةِ، هَذَا خِطَابٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ انْصَرَفُوا مِنْ أُحُدٍ مَعَ الْكَآبَةِ وَالْحُزْنِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) يَوْمَ أُحُدٍ، ﴿فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ﴾ [آل عمران: ١٤٠] يَوْمَ بَدْرٍ ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران: ١٤٠] فَيَوْمٌ لَهُمْ وَيَوْمٌ عَلَيْهِمْ، أُدِيلَ المسلمون من الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ حَتَّى قَتَلُوا مِنْهُمْ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ، وَأُدِيلَ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى جَرَحُوا مِنْهُمْ سَبْعِينَ وَقَتَلُوا خمسا وسبعين. ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [آل عمران: ١٤٠] يَعْنِي. إِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُدَاوَلَةُ ليعلم؛ أَيْ: لِيَرَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا فَيُمَيَّزُ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْمُنَافِقِ، ﴿وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾ [آل عمران: ١٤٠] يُكْرِمُ أَقْوَامًا بِالشَّهَادَةِ ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٠]
[قوله تعالى وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ] . . .
[١٤١] ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [آل عمران: ١٤١] أي: يطهركم من الذنوب، ﴿وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤١] يُفْنِيهِمْ وَيُهْلِكُهُمْ، مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ إِنْ قَتَلُوكُمْ فَهُوَ تَطْهِيرٌ لَكُمْ، وَإِنْ قَتَلْتُمُوهُمْ فَهُوَ مَحْقُهُمْ وَاسْتِئْصَالُهُمْ.
[١٤٢] ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ﴾ [آل عمران: ١٤٢] أي: أَحَسِبْتُمْ؟ ﴿أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ١٤٢] أَيْ: وَلَمْ يَعْلَمِ اللَّهُ، ﴿الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٢]
[١٤٣] ﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ﴾ [آل عمران: ١٤٣] وَذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَمَنَّوْا يَوْمًا كَيَوْمِ بَدْرٍ لِيُقَاتِلُوا وَيُسْتَشْهَدُوا فَأَرَاهُمُ اللَّهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقَوْلُهُ: (تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) أَيْ: سَبَبَ الْمَوْتِ وَهُوَ الْجِهَادُ مِنْ قَبْلِ أن تلقوه، ﴿فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ﴾ [آل عمران: ١٤٣] يعني: أسبابه، ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ [آل عمران: ١٤٣] فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ)، بَعْدَ قَوْلِهِ: (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ)؟ قِيلَ: ذَكَرَهُ تَأْكِيدًا، وَقِيلَ: الرُّؤْيَةُ قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، فَقَالَ: (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) لِيَعْلَمَ، أَنَّ المراد بالرؤية النظر، وقيل: معناه وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إِلَى مُحَمَّدٍ ﷺ.
[١٤٤] قَوْلُهُ ﷿: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ [آل عمران: ١٤٤] محمد هُوَ الْمُسْتَغْرِقُ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ، لِأَنَّ الْحَمْدَ لَا يَسْتَوْجِبُهُ إِلَّا الْكَامِلُ، وَالتَّحْمِيدُ فَوْقَ الْحَمْدِ، فَلَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا الْمُسْتَوْلِي عَلَى الْأَمْرِ فِي الْكَمَالِ، وَأَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَصَفِيَّهُ بِاسْمَيْنِ مُشْتَقَّيْنِ مِنَ اسْمِهِ ﷻ (محمد وأحمد)، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٤٤] أي: رَجَعْتُمْ إِلَى دِينِكُمُ الْأَوَّلِ، ﴿وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ [آل عمران: ١٤٤] ويرتد عَنْ دِينِهِ، ﴿فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ١٤٤] بارتداده وإنما ضر نفسه، ﴿وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٤]

1 / 149