مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
ویرایشگر
سيد إبراهيم
ناشر
دار الحديث
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
محل انتشار
القاهرة - مصر
ژانرها
الْمَعْقُولِ، وَهَذِهِ عُقُولُهُمْ تُنَادِي عَلَيْهِمْ، وَلَوْلَا الْإِطَالَةُ لَعَرَضْنَاهَا عَلَى السَّامِعِ عَقْلًا، وَقَدْ عَرَضَهَا الْمُعْتَنُونَ بِذِكْرِ الْمَقَالَاتِ، وَهَذِهِ الْعُقُولُ إِنَّمَا تُفِيدُ الرَّيْبَ وَالشَّكَّ وَالْحَيْرَةَ وَالْجَهْلَ الْمُرَكَّبَ.
فَإِذَا تَعَارَضَ النَّقْلُ وَهَذِهِ الْعُقُولُ أُخِذَ بِالنَّقْلِ الصَّحِيحِ، وَرُمِيَ بِهَذِهِ الْعُقُولِ تَحْتَ الْأَقْدَامِ، وَحُطِّتْ حَيْثُ حَطَّهَا اللَّهُ وَأَصْحَابُهَا.
السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: أَنَّ أَدِلَّةَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَدُلُّ بِمُجَرَّدِ الْخَبَرِ.
وَالثَّانِي: يَدُلُّ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ عَلَى الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ.
وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ ذِكْرِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي هِيَ آيَاتُ اللَّهِ الدَّالَّةُ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ، وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَآيَاتُهُ الْعِيَانِيَّةُ الْمَشْهُودَةُ فِي خَلْقِهِ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ النَّوْعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُجَرَّدُ الْخَبَرِ، وَلَمْ تَتَجَرَّدْ أَخْبَارُهُ سُبْحَانَهُ عَنْ آيَةٍ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهَا، بَلْ قَدْ بَيَّنَ لِعِبَادِهِ فِي كِتَابِهِ مِنَ الْبَرَاهِينِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ وَصِدْقِ رَسُولِهِ مَا فِيهِ هُدًى وَشِفَاءٌ.
فَقَوْلُ الْقَائِلِ: إِنَّ تِلْكَ الْأَدِلَّةَ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ، إِنْ أَرَادَ بِهِ النَّوْعَ الْمُتَضَمِّنَ لِذِكْرِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْبَهْتِ وَالْوَقَاحَةِ، فَإِنَّ آيَاتِ اللَّهِ الَّتِي جَعَلَهَا أَدِلَّةً وَحُجَجًا عَلَى وُجُودِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَصِفَاتِ كَمَالِهِ إِنْ لَمْ تُفِدْ يَقِينًا بِمَدْلُولٍ أَبَدًا، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ النَّوْعَ الْأَوَّلَ بِمُجَرَّدِ الْخَبَرِ فَقَدْ أَقَامَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْأَدِلَّةَ الْقَطْعِيَّةَ عَلَى ثُبُوتِهِ فَلَمْ يُحِلْ عِبَادَهُ فِيهِ عَلَى خَبَرٍ مُجَرَّدٍ لَا يَسْتَفِيدُونَ ثُبُوتَهُ إِلَّا مِنَ الْخَبَرِ الْمُجَرَّدِ نَفْسِهِ دُونَ الدَّلِيلِ الدَّالِ عَلَى صِدْقِ الْخَبَرِ، وَهَذَا غَيْرُ الدَّلِيلِ الْعَامِّ الدَّالِّ عَلَى صِدْقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ، بَلْ هُوَ الْأَدِلَّةُ عَلَى التَّوْحِيدِ وَإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَالنُّبُوَّاتِ وَالْمَعَادِ وَأُصُولِ الْإِيمَانِ، فَلَا تَجِدُ كِتَابًا قَدْ تَضَمَّنَ مِنَ الْبَرَاهِينِ وَالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ عَلَى هَذِهِ الْمَطَالِبِ مَا تَضَمَّنَهُ الْقُرْآنُ، فَأَدِلَّتُهُ الْقَطْعِيَّةُ عَقْلِيَّةٌ وَإِنْ لَمْ تُفِدِ الْيَقِينَ ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [الجاثية: ٦] .
فَفِي هَذَا كَسْرُ الطَّاغُوتِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: إِنَّ الْأَدِلَّةَ اللَّفْظِيَّةَ لَا تُفِيدُ الْيَقِينَ.
1 / 107