مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
پژوهشگر
سيد إبراهيم
ناشر
دار الحديث
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
محل انتشار
القاهرة - مصر
ژانرها
مِثَالُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: ٥٤] فِي جَمِيعِ مَوَارِدِهِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا عَلَى هَذَا اللَّفْظِ، فَتَأْوِيلُهُ بِاسْتَوْلَى بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا كَانَ يَصِحُّ أَنْ لَوْ كَانَ كَثُرَ مَجِيئُهُ بِلَفْظِ اسْتَوْلَى، ثُمَّ يَخْرُجُ مَوْضِعٌ عَنْ نَظَائِرِهِ وَيُرَدُّ بِلَفْظِ اسْتَوْلَى، فَهَذَا كَانَ يَصِحُّ تَأْوِيلُهُ بِاسْتَوْلَى، فَتَفَطَّنْ لِهَذَا الْمَوْضِعِ وَاجْعَلْهُ قَاعِدَةً فِيمَا يَمْتَنِعُ تَأْوِيلُهُ مِنْ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ وَيَجُوزُ تَأْوِيلُهُ.
وَنَظِيرُ هَذَا اطِّرَادُ النُّصُوصِ بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى هَكَذَا " «تَرَوْنَ رَبَّكُمْ» " " «تَنْظُرُونَ إِلَى رَبِّكُمْ» " ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] وَلَمْ يَجِئْ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ: تَرَوْنَ ثَوَابَ رَبِّكُمْ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا خَرَجَ عَنْ نَظَائِرِهِ.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ اطِّرَادُ قَوْلِهِ: ﴿وَنَادَيْنَاهُ﴾ [مريم: ٥٢] ﴿يُنَادِيهِمْ﴾ [القصص: ٦٢] ﴿وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا﴾ [الأعراف: ٢٢] ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا﴾ [القصص: ٤٦] ﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ﴾ [النازعات: ١٦] وَنَظَائِرُهَا، وَلَمْ يَجِئْ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ: أَمَرْنَا مَنْ يُنَادِيهِمْ، وَلَا: نَادَاهُ مَلَكٌ، فَتَأْوِيلُهُ بِذَلِكَ عَيْنُ الْمُحَالِ.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ: " «يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ. . .» " فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا، كُلُّهَا مُصَرِّحَةٌ بِإِضَافَةِ النُّزُولِ إِلَى الرَّبِّ تَعَالَى: وَلَمْ يَجِئْ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ بِقَوْلِهِ: يَنْزِلُ مَلَكُ رَبِّنَا، حَتَّى يُحْمَلَ مَا خَرَجَ عَنْ نَظَائِرِهِ عَلَيْهِ.
وَإِذَا تَأَمَّلْتَ نُصُوصَ الصِّفَاتِ الَّتِي لَا تَسْمَحُ الْجَهْمِيَّةُ بِتَسْمِيَتِهَا نُصُوصًا وَإِذَا احْتَرَمُوهَا قَالُوا: ظَوَاهِرُ سَمْعِيَّةٌ، وَقَدْ عَارَضَهَا الْقَوَاطِعُ الْعَقْلِيَّةُ، وَجَدْتُهَا كُلَّهَا مِنْ هَذَا الْبَابِ.
وَمِمَّا يَقْتَضِي مِنْهُ الْعَجَبَ أَنَّ كَلَامَ شُيُوخِهِمْ وَتَصْنِيفَهُمْ عِنْدَهُمْ نَصٌّ فِي مُرَادِهِمْ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، وَكَلَامَ الْمُوَافِقِينَ عِنْدَهُمْ نَصٌّ لَا يَجُوزُ تَأْوِيلُهُ، حَتَّى إِذَا جَاءُوا إِلَى كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَقَفُوهُ عَلَى التَّأْوِيلِ.
1 / 64