مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

ابن الموصلی d. 774 AH
38

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

پژوهشگر

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

محل انتشار

القاهرة - مصر

ژانرها

يَقُولُونَهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ، بَلْ يَجِدُونَهَا عَلَى خِلَافِ الْحَقِّ عِنْدَهُمْ إِمَّا نَصًّا وَإِمَّا ظَاهِرًا، بَلْ دَلَّتْ عِنْدَهُمْ عَلَى الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ، لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ لَوَازِمُ بَاطِلَةٌ: مِنْهَا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ ﷺ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَا يُضِلُّهُمْ ظَاهِرُهُ وَيُوقِعُهُمْ فِي التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَرَكَ بَيَانَ الْحَقِّ وَالصَّوَابِ وَلَمْ يُفْصِحْ بِهِ، بَلْ رَمَزَ إِلَيْهِ رَمْزًا وَأَلْغَزَهُ إِلْغَازًا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إِلَّا بَعْدَ الْجُهْدِ الْجَهِيدِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ قَدْ كَلَّفَ عِبَادَهُ أَلَّا يَفْهَمُوا مِنْ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ حَقَائِقَهَا وَظَوَاهِرَهَا، وَكَلَّفَهُمْ أَنْ يَفْهَمُوا مِنْهَا مَا لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ مَعَهَا قَرِينَةً تُفْهِمُ ذَلِكَ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ دَائِمًا مُتَكَلِّمًا فِي هَذَا الْبَابِ بِمَا ظَاهِرُهُ خِلَافَ الْحَقِّ بِأَنْوَاعٍ مُتَنَوِّعَةٍ مِنَ الْخِطَابِ، تَارَةً بِأَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ، وَتَارَةً بِأَنَّهُ فَوْقَ عِبَادِهِ، وَتَارَةً بِأَنَّهُ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى، وَتَارَةً بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَعْرُجُ إِلَيْهِ، وَتَارَةً بِأَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ تُرْفَعُ إِلَيْهِ، وَتَارَةً بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ فِي نُزُولِهَا مِنَ الْعُلُوِّ إِلَى أَسْفَلَ تَنْزِلُ مِنْ عِنْدِهِ، وَتَارَةً بِأَنَّهُ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ، وَتَارَةً بِأَنَّهُ فِي السَّمَاءِ، وَتَارَةً بِأَنَّهُ الظَّاهِرُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ شَيْءٌ، وَتَارَةً بِأَنَّهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ، وَتَارَةً بِأَنَّ الْكِتَابَ نَزَلَ مِنْ عِنْدِهِ، وَتَارَةً بِأَنَّهُ يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَتَارَةً بِأَنَّهُ يُرَى بِالْأَبْصَارِ عِيَانًا يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَنَوُّعِ الدَّلَالَاتِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُوَافِقُ مَا يَقُولُهُ النُّفَاةُ وَلَا يَقُولُ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ مَا هُوَ الصَّوَابُ فِيهِ لَا نَصًّا وَلَا ظَاهِرًا وَلَا بَيِّنَةً. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ أَفْضَلُ الْأُمَّةِ وَخَيْرُ الْقُرُونِ قَدْ أَمْسَكُوا مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ عَنْ قَوْلِ الْحَقِّ فِي هَذَا النَّبَأِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهَمِّ أُصُولِ الْإِيمَانِ، وَذَلِكَ إِمَّا جَهْلٌ يُنَافِي الْعِلْمَ، وَإِمَّا كِتْمَانٌ، وَلَقَدْ أَسَاءَ الظَّنَّ بِخِيَارِ الْأُمَّةِ مَنْ نَسَبَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا ازْدَوَجَ التَّكَلُّمُ بِالْبَاطِلِ وَالسُّكُوتُ عَنْ بَيَانِ الْحَقِّ تَوَلَّدَ بَيْنَهُمَا جَهْلُ الْحَقِّ وَإِضْلَالُ الْخَلْقِ، وَلِهَذَا لَمَّا اعْتَقَدَ النُّفَاةُ التَّعْطِيلَ صَارُوا يَأْتُونَ مِنَ الْعِبَارَاتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْطِيلِ وَالنَّفْيِ نَصًّا وَظَاهِرًا وَلَا يَتَكَلَّمُونَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى حَقِيقَةِ الْإِثْبَاتِ لَا نَصًّا وَلَا ظَاهِرًا، وَإِذَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ مِنَ النُّصُوصِ مَا هُوَ صَرِيحٌ أَوْ ظَاهِرٌ فِي الْإِثْبَاتِ حَرَّفُوهُ أَنْوَاعَ التَّحْرِيفَاتِ، وَطَلَبُوا لَهُ مُسْتَكْرَهَ التَّأْوِيلَاتِ، وَمِنْهُمْ أَنَّهُمُ الْتَزَمُوا لِذَلِكَ تَجْهِيلَ السَّلَفِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا أُمِّيِّينَ مُقْبِلِينَ عَلَى الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَالْوَرَعِ وَالتَّسْبِيحِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَلَمْ تَكُنِ الْحَقَائِقُ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَمِنْهَا أَنَّ تَرْكَ النَّاسِ مِنْ إِنْزَالِ هَذِهِ النُّصُوصِ كَانَ أَنْفَعَ لَهُمْ وَأَقْرَبَ إِلَى الصَّوَابِ، فَإِنَّهُمْ مَا اسْتَفَادُوا بِنُزُولِهَا غَيْرَ التَّعَرُّضِ لِلضَّلَالِ، وَلَمْ يَسْتَفِيدُوا مِنْهَا يَقِينًا وَلَا

1 / 52