311

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

ویرایشگر

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

محل انتشار

القاهرة - مصر

ژانرها

وَكَذَلِكَ مَنْ سَمِعَ قَوْلَهُ: " «الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ» " فَمَنْ صَافَحَهُ وَقَبَّلَهُ فَكَأَنَّمَا صَافَحَ اللَّهَ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ، لَمْ يَسْبِقْ إِلَى فَهْمِهِ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ غَيْرُ مَعْنَاهُ الَّذِي سَبَقَ لَهُ وَقَصَدَ بِهِ وَأَنَّ تَقْبِيلَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَمُصَافَحَتَهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ تَقْبِيلِ يَمِينِ اللَّهِ وَمُصَافَحَتِهِ، فَهَذَا حَقِيقَةُ هَذَا اللَّفْظِ، فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ السَّابِقَ إِلَى الْفَهْمِ مِنْهُ لَا يَفْهَمُ النَّاسُ مِنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَا يَفْهَمُ أَحَدٌ مِنْهُ أَنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ هُوَ صِفَةُ اللَّهِ الْقَدِيمَةِ الْقَائِمَةِ بِهِ، فَهَذَا لَا يَخْطُرُ بِبَالِ أَحَدٍ عِنْدَ سَمَاعِ هَذَا اللَّفْظِ أَصْلًا، فَدَعْوَى أَنَّ هَذَا حَقِيقَةٌ وَأَنَّهُ خَرَجَ إِلَى مَجَازِهِ بِهَذَا التَّرْكِيبِ خَطَأٌ، وَنُكْتَةُ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ الْمُجَرَّدَ لَا يُسْتَعْمَلُ وَلَا يَكُونُ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، وَالْمُسْتَعْمَلُ مَعَهُ مِنَ الْقَرَائِنِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ مِنْهُ وَيَكُونُ هُوَ السَّابِقُ إِلَى الْفَهْمِ، وَالْمُقَدِّمَتَانِ لَا يُنْكِرُهُمَا الْمُنَازِعُ وَلَا أَحَدٌ مِنَ الْعُقَلَاءِ، وَذَلِكَ مِمَّا رَفَعَ الْمَجَازَ بِالْكُلِّيَّةِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْمَجَازِ قَدْ أَبْطَلَ بَعْضُهُمْ ضَوَابِطَ بَعْضٍ، قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الشَّيْءَ إِذَا سُمِّيَ بِاسْمِ مَا هُوَ جَزَاءٌ عَنْهُ كَانَ حَقِيقَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠]، أَوْ بِاسْمِ مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ كَالنِّكَاحِ، أَوْ بِاسْمِ مَا يُشْبِهُهُ كَتَسْمِيَةِ الْبَلِيدِ حِمَارًا، قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي الشَّيْءِ فِيمَا يُشْبِهُهُ وَفِيمَا هُوَ جَزَاءٌ عَنْهُ وَفِيمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ.
قَالَ شَيْخُنَا: قَوْلُ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ بَلْ هُوَ بِالضِّدِّ أَحَقُّ، فَإِنَّ الشَّيْءَ يُسَمَّى بِاسْمِ مَا هُوَ جَزَاءٌ عَنْهُ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: ٦٠] وَقَوْلِهِ ﷺ " «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» ".
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: ٨٦] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾ [التوبة: ٧] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ [محمد: ٧]

1 / 328