مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
ویرایشگر
سيد إبراهيم
ناشر
دار الحديث
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
محل انتشار
القاهرة - مصر
ژانرها
كَلَامِهِمْ، وَهِيَ الْأَلْفَاظُ الْغَرِيبَةُ جِدًّا الَّتِي لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا إِلَّا الْأَفْرَادُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَعَ كَوْنِهَا حَقَائِقَ.
وَثَانِيهَا: أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمَجَازَاتِ عِنْدَكُمْ قَدْ غَلَبَ عَلَى الْحَقِيقَةِ بِحَيْثُ صَارَتْ مَهْجُورَةً أَوْ مَغْمُورَةً؟ وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ هُوَ الْحَقِيقَةُ وَالْمَغْلُوبَ هُوَ الْمَجَازُ، وَثَالِثُهَا: أَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ، فَإِنَّ الْكَثْرَةَ وَالْغَلَبَةَ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ وَالْأَشْخَاصِ، وَيَكْثُرُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ مَا يَقِلُّ، بَلْ يُعْدَمُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ، فَمَا الَّذِي تُضْبَطُ بِهِ الْكَثْرَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْقِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْمَجَازِ؟ وَلَنْ تَجِدُوا لِذَلِكَ ضَابِطًا أَصْلًا.
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: إِنَّ حُكْمَكُمْ عَلَى بَعْضِ الْأَلْفَاظِ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَوْضُوعِهِ؟ وَعَلَى بَعْضِهَا أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ تَحَكُّمٌ بَارِدٌ، فَإِنَّا إِنَّمَا نَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ مَوْضُوعُ اللَّفْظِ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ فَإِذَا رَأَيْنَاهُمْ فِي نَظْمِهِمْ وَنَثْرِهِمْ وَقَدِيمِ كَلَامِهِمْ وَحَدِيثِهِ قَدِ اسْتَعْمَلُوا هَذَا اللَّفْظَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَفِي هَذَا الْمَعْنَى كَانَ دَعْوَى أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَوْضُوعِهِ فِي هَذَا دُونَ الْآخَرِ دَعْوَى بَاطِلَةً مُتَضَمِّنَةً لِلتَّحَكُّمِ وَالْخَرْصِ وَالْكَذِبِ.
فَإِنْ قُلْتُمْ: لَمَّا رَأَيْنَاهُ إِذَا أُطْلِقَ فُهِمَ مِنْهُ مَعْنًى، وَإِذَا قُيِّدَ يُفْهَمُ مِنْهُ مَعْنًى آخَرُ عَلِمْنَا أَنَّ مَوْضُوعَهُ هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ إِطْلَاقُهُ.
قِيلَ لَكُمْ: هَذَا خَطَأٌ، فَإِنَّ اللَّفْظَ الْمُفْرَدَ لَا يُفِيدُ بِإِطْلَاقِهِ وَتَجَرُّدِهِ شَيْئًا الْبَتَّةَ، فَلَا يَكُونُ كَلَامًا وَلَا جُزْءَ كَلَامٍ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَرْكِيبَهُ التَّرْكِيبَ الْإِسْنَادِيَّ تَقْيِيدٌ لَهُ وَإِذَا رُكِّبَ فُهِمَ الْمُرَادُ مِنْهُ بِتَرْكِيبِهِ، فَالَّذِي يُسَمُّونَهُ مَجَازًا عِنْدَ تَرْكِيبِهِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُ مَعْنَاهُ وَذَلِكَ مَوْضُوعُهُ فِي لُغَتِهِمْ فَدَعْوَى انْتِقَالِهِ عَنْ مَوْضُوعِهِ إِلَى مَوْضُوعٍ آخَرَ وَهُمْ إِنَّمَا اسْتَعْمَلُوهُ هَكَذَا دَعْوَى بَاطِلَةٌ، وَلْنَذْكُرْ لَكَ مِثَالًا.
فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: «كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ ﷺ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ: مَنْدُوبٌ، فَرَكِبَهُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا»، فَادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ هَذَا مَجَازٌ، وَكَانَ ظَنَّ أَنَّ الْعَرَبَ وَضَعَتِ الْبَحْرَ لِهَذَا الْمَاءِ الْمُسْتَبْحِرِ ثُمَّ نَقَلَتْهُ إِلَى الْفَرَسِ لِسِعَةِ جَرْيِهِ فَشَبَّهَتْهُ بِهِ فَأَعْطَتْهُ اسْمَهُ، وَهَذَا إِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا فَلَا
1 / 311