268

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

ویرایشگر

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

محل انتشار

القاهرة - مصر

ژانرها

فَصْلٌ
فِي كَسْرِ الطَّاغُوتِ الثَّالِثِ
الَّذِي وَضَعَتْهُ الْجَهْمِيَّةُ، لِتَعْطِيلِ حَقَائِقِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ،
وَهُوَ طَاغُوتُ الْمَجَازِ
هَذَا الطَّاغُوتُ لَهِجَ بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَالْتَجَأَ إِلَيْهِ الْمُعَطِّلُونَ، وَجَعَلُوهُ جَنَّةً يُتَرِّسُونَ بِهَا مِنْ سِهَامِ الرَّاشِقِينَ وَيَصْدُرُونَ عَنْ حَقَائِقِ الْوَحْيِ الْمُبِينِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْحَقِيقَةُ هِيَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْحَقِيقَةُ هِيَ الْمَعْنَى الَّذِي وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ أَوَّلًا، وَالْمَجَازُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيمَا وُضِعَ لَهُ ثَانِيًا.
فَهَاهُنَا ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: لَفْظٌ وَمَعْنًى وَاسْتِعْمَالٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ مَوْرِدَ التَّقْسِيمِ هُوَ الْأَوَّلَ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ الثَّانِيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ الثَّالِثَ، وَالْقَائِلُونَ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ كَذَا وَمَجَازُهُ كَذَا يَجْعَلُونَ الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ مِنْ عَوَارِضِ الْمَعَانِي.
فَإِنَّهُمْ إِذَا قَالُوا مَثَلًا: حَقِيقَةُ الْأَسَدِ هُوَ الْحَيَوَانُ الْمُفْتَرِسُ، وَمَجَازُهُ الرَّجُلُ الشُّجَاعُ، جَعَلُوا الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ لِلْمَعْنَى لَا لِلْأَلْفَاظِ، وَإِذَا قَالُوا: هَذَا الِاسْتِعْمَالُ حَقِيقَةٌ، وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ مَجَازٌ جَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ تَوَابِعِ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِذَا قَالُوا هَذَا اللَّفْظُ حَقِيقَةٌ فِي كَذَا، مَجَازٌ فِي كَذَا جَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي كَلَامِهِ هَذَا وَهَذَا وَهَذَا.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُمْ سَوَاءٌ قَسَّمُوا اللَّفْظَ وَمَدْلُولَهُ أَوِ اسْتِعْمَالَهُ فِي مَدْلُولِهِ طُولِبُوا بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ: أَحَدُهَا: تَعْيِينُ وُرُودِ التَّقْسِيمِ، الثَّانِي: صِحَّتُهُ بِذِكْرِ مَا تَشْتَرِكُ فِيهِ الْأَقْسَامُ وَمَا يَنْفَصِلُ وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُمَيَّزِ ضَرُورَةَ صِحَّةِ التَّقْسِيمِ الثَّالِثِ: الْتِزَامُ الطَّرْدِ وَالْعَكْسِ، فَإِنَّ التَّقْسِيمَ مِنْ جِنْسِ التَّحْدِيدِ، إِذْ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْقَدْرِ الْمُمَيَّزِ الْفَارِقِ فَإِنْ لَمْ يَطَّرِدِ التَّقْسِيمُ وَيَنْعَكِسْ كَانَ تَقْسِيمًا فَاسِدًا.
فَنَقُولُ: تَقْسِيمُكُمُ الْأَلْفَاظَ وَمَعَانِيَهَا وَاسْتِعْمَالَهَا فِيهَا إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَقْلِيًّا أَوْ شَرْعِيًّا، أَوْ لُغَوِيًّا أَوِ اصْطِلَاحِيًّا، وَالْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ بَاطِلَةٌ، فَإِنَّ الْعَقْلَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي دَلَالَةِ اللَّفْظِ وَتَخْصِيصِهِ بِالْمَعْنَى الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً كَانَ أَوْ مَجَازًا، فَإِنَّ دَلَالَةَ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ وَلَيْسَتْ كَدَلَالَةِ الِانْكِسَارِ عَلَى الْكَسْرِ وَالِانْفِعَالِ عَلَى الْفِعْلِ لَوْ كَانَتْ عَقْلِيَّةً لَمَا اخْتَلَفَتْ بِاخْتِلَافِ الْأُمَمِ وَلَمَا جَهِلَ أَحَدٌ مَعْنَى لَفْظٍ، وَالشَّرْعُ لَمْ يَرِدْ

1 / 285