مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
پژوهشگر
سيد إبراهيم
ناشر
دار الحديث
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
محل انتشار
القاهرة - مصر
ژانرها
الثَّانِي: أَنَّ دَعْوَاكَ أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ إِثْبَاتُ أَيْدٍ كَثِيرَةٍ فِي جَنْبٍ وَاحِدٍ كَذِبٌ آخَرُ، فَأَيْنَ فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ أَنَّ الْأَيْدِي فِي الْجَنْبِ؟ وَكَذَلِكَ إِنَّمَا أَخَذْتَ هَذَا مِنَ الْقِيَاسِ عَلَى بَنِي آدَمَ فَشَبَّهْتَ أَوَّلًا، وَعَطَّلْتَ ثَانِيًا، وَكَذَلِكَ جَعْلُكَ الْأَعْيُنَ الْكَثِيرَةَ فِي الْوَجْهِ الْوَاحِدِ لَيْسَ فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا، وَإِنَّمَا أَخَذْتَهُ مِنَ التَّشْبِيهِ بِالْآدَمِيِّ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ كُلَّ مُعَطِّلٍ مُشَبِّهٌ، وَلَا يَسْتَقِيمُ لَكَ التَّعْطِيلُ إِلَّا بَعْدَ التَّشْبِيهِ.
الثَّالِثُ: أَيْنَ فِي الْقُرْآنِ إِثْبَاتُ سَاقٍ وَاحِدٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَجَنْبٍ وَاحِدٍ؟ فَإِنَّهُ ﷾ قَالَ: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ [القلم: ٤٢] وَقَالَ: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٥٦] فَعَلَى تَقْدِيرٍ أَنْ يَكُونَ السَّاقُ وَالْجَنْبُ مِنَ الصِّفَاتِ فَلَيْسَ فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ مَا يُوجِبُ أَلَّا يَكُونَ لَهُ إِلَّا جَنْبٌ وَاحِدٌ وَسَاقٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْتَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى نَفْيٍ مَا أَرَادَ عَلَى ذَلِكَ لَا بِمَنْطُوقِهِ وَلَا بِمَفْهُومِهِ، حَتَّى الْقَائِلِينَ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ عَلَى نَفْيٍ مَا عَدَا الْمَذْكُورَ، لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ لِلتَّخْصِيصِ بِالذِّكْرِ سَبَبٌ غَيْرَ الِاخْتِصَاصِ بِالْحُكْمِ لَمْ يَكُنِ الْمَفْهُومُ مُرَادًا بِالِاتِّفَاقِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْآيَتَيْنِ إِثْبَاتَ الصِّفَةِ حَتَّى يَكُونَ تَخْصِيصُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِالذِّكْرِ مُرَادًا، بَلِ الْمَقْصُودُ حُكْمٌ آخَرُ، وَهُوَ إِثْبَاتُ تَفْرِيطِ الْعَبْدِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَبَيَانُ سُجُودِ الْخَلَائِقِ إِذَا كُشِفَ عَنْ سَاقٍ، وَهَذَا حُكْمٌ قَدْ يَخْتَصُّ بِالْمَذْكُورِ دُونَ غَيْرِهِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ.
الرَّابِعُ: هَبْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَكْشِفُ عَنْ سَاقٍ وَاحِدَةٍ هِيَ صِفَةٌ، فَمِنْ أَيْنَ فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُبْحَانَهُ إِلَّا تِلْكَ الصِّفَةُ الْوَاحِدَةُ، وَأَنْتَ لَوْ سَمِعْتَ قَائِلًا يَقُولُ: كَشَفْتُ عَنْ عَيْنِي وَأَبْدَيْتُ عَنْ رُكْبَتِي وَعَنْ سَاقِي، هَلْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِلَّا ذَلِكَ الْوَاحِدُ فَقَطْ، فَلَوْ قَالَ لَكَ أَحَدٌ: لَمْ يَكُنْ هَذَا ظَاهِرَ كَلَامِهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ ظَاهِرُ أَفْصَحِ الْكَلَامِ وَأَبَيْنِهِ ذَلِكَ.
الْخَامِسُ: أَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُضَافَ يُرَادُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤] وَقَوْلِهِ: ﴿وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ﴾ [التحريم: ١٢] وَقَوْلِهِ ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] فَلَوْ كَانَ الْجَنْبُ وَالسَّاقُ صِفَةٌ لَكَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: ﴿بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ [الملك: ١] ﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ﴾ [آل عمران: ٢٦] ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [طه: ٣٩] .
1 / 35