206

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

پژوهشگر

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

محل انتشار

القاهرة - مصر

ژانرها

عَلَى مَنْ لَا يَحْتَكِمُ عَلَيْهِ الْعَقْلُ أَجْرَى حُكْمَ الْخَالِقِ فِي الْخَلْقِ وَحُكْمَ الْخَلْقِ فِي الْخَالِقِ، وَالْأَوَّلُ غُلُوٌّ، وَالثَّانِي تَقْصِيرٌ فَثَارَ مِنَ الشُّبْهَةِ الْأُولَى مَذَاهِبُ الْحُلُولِيَّةِ وَالتَّنَاسُخِيَّةِ وَالْمُشَبِّهَةِ وَالْغُلَاةِ مِنَ الرَّافِضَةِ مِنْ حَيْثُ غَلَوْا فِي حَقِّ شَخْصٍ مِنَ الْأَشْخَاصِ حَتَّى وَصَفُوهُ بِأَوْصَافِ الْجَلَالِ، وَثَارَ مِنَ الشُّبْهَةِ الثَّانِيَةِ مَذَاهِبُ الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَبْرِيَّةِ وَالْمُجَسِّمَةِ حَيْثُ قَصَّرُوا فِي وَصْفِهِ تَعَالَى بِصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَالْمُعْتَزِلَةِ مُشَبِّهَةِ الْأَفْعَالِ وَمُشَبِّهَةِ الصِّفَاتِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَعْوَرُ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ: يَحْسُنُ مِنْهُ مَا يَحْسُنُ مِنَّا وَيَقْبَحُ مِنْهُ مَا يُقْبَحُ مِنَّا، فَقَدْ شَبَّهَ الْخَالِقَ بِالْخَلْقِ، وَمَنْ قَالَ: يُوصَفُ الْبَارِي بِمَا يُوصَفُ بِهِ الْخَلْقُ أَوْ يُوصَفُ الْخَلْقُ بِمَا يُوصَفُ بِهِ الْبَارِي، فَقَدِ اعْتَزَلَ عَنِ الْحَقِّ، وَشَيْخُ الْقَدَرِيَّةِ طَلَبُ الْعِلَّةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَذَلِكَ الشَّيْخُ اللَّعِينُ الْأَوَّلُ، إِذْ طَلَبُ الْعِلَّةِ فِي الْخَلْقِ أَوَّلًا، وَالْحِكْمَةُ فِي التَّكْلِيفِ ثَانِيًا، وَالْمُعَانَدَةُ فِي تَكْلِيفِ السُّجُودِ لِآدَمَ ثَالِثًا.
ثُمَّ ذَكَرَ الْخَوَارِجَ وَالْمُعْتَزِلَةَ وَالرَّوَافِضَ وَقَالَ: رَأَيْتُ شُبُهَاتِهِمْ كُلَّهَا نَشَأَتْ مِنْ شُبُهَاتِ اللَّعِينِ الْأَوَّلِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ التَّنْزِيلُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [البقرة: ١٦٨] وَقَالَ ﷺ: " «لَتَسْلُكُنَّ سُبُلَ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ وَالنَّعْلِ بِالنَّعْلِ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ» ".
فَهَذِهِ الْقِصَّةُ فِي الْمُنَاظَرَةِ هِيَ نَقْلُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَنَحْنُ لَا نُصَدِّقُهَا وَلَا نُكَذِّبُهَا، وَكَأَنَّهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ مُنَاظَرَةٌ وُضِعَتْ عَلَى لِسَانِ إِبْلِيسَ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا بُدَّ مِنَ الْجَوَابِ عَنْهَا سَوَاءٌ صَدَرَتْ عَنْهُ أَوْ قِيلَتْ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَا رَيْبَ أَنَّهَا مِنْ كَيْدِهِ، وَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا.﴾ [النساء: ٧٦]
فَهَذِهِ الْأَسْئِلَةُ وَالشُّبُهَاتُ مِنْ أَضْعَفِ الْأَسْئِلَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ، وَإِنْ صَعُبَ مَوْقِعُهَا عِنْدَ مَنْ أَصَّلَ أُصُولًا فَاسِدَةً كَانَتْ سَدًّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَدِّهَا، وَقَدِ اخْتَلَفَتْ طُرُقُ

1 / 221