مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
پژوهشگر
سيد إبراهيم
ناشر
دار الحديث
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
محل انتشار
القاهرة - مصر
ژانرها
دُونَ الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ، وَالصَّحَابَةُ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ وَالتَّخْصِيصِ أَعْذَرُ مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهَا.
وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يَشْتَدُّ عَلَيْهِمْ مُعَارَضَةُ النُّصُوصِ بِآرَاءِ الرِّجَالِ، وَلَا يُقِرُّونَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَحْتَجُّ فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَمْرِهِ لِأَصْحَابِهِ بِهَا، فَيَقُولُونَ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَفْرَدَا الْحَجَّ وَلَمْ يَتَمَتَّعَا، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ: " «يُوشِكُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنَ السَّمَاءِ "، أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَتَقُولُونَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَرَحِمَ اللَّهُ ابْنَ عَبَّاسٍ»، كَيْفَ لَوْ رَأَى قَوْمًا يُعَارِضُونَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِقَوْلِ أَرِسْطُو وَأَفْلَاطُونَ وَابْنِ سِينَا وَالْفَارَابِيِّ وَجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ وَبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَأَبِي الْهُذَيْلِ الْعَلَّافِ وَأَضْرَابِهِمْ؟ .
وَلَقَدْ «سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ فَأَمَرَ بِهَا، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَاكَ يَنْهَى عَنْهَا، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي لَمْ يُرِدْ مَا تَقُولُونَ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ: أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَحَقُّ أَنْ تَتَّبِعُوا أَمْ أَمْرُ عُمَرَ»؟ .
وَلَمَّا حَدَّثَ حُمَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ «عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ﴾ [الأعراف: ١٤٣] قَالَ: " وَضَعَ أُصْبُعَهُ عَلَى طَرَفِ خِنْصَرِهِ فَسَاخَ الْجَبَلُ " أَنْكَرَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ وَقَالَ: أَتُحَدِّثُ بِهَا؟ فَضَرَبَ حُمَيْدٌ فِي صَدْرِهِ وَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَتَقُولُ: أَتُحَدِّثُ بِهَذَا»؟ فَكَانَتْ نُصُوصُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَجَلَّ فِي صُدُورِهِمْ وَأَعْظَمَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ أَنْ يُعَارِضُوهَا بِقَوْلِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَا تَثْبُتُ قَدَمُ أَحَدٍ عَلَى الْإِيمَانِ إِلَّا عَلَى ذَلِكَ.
الثَّامِنُ وَالثَلَاثُونَ: أَنَّ الْمَعْقُولَاتِ لَيْسَ لَهَا ضَابِطٌ، وَلَا هِيَ مَحْصُورَةٌ فِي نَوْعٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّهُ مَا مِنْ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا وَلَهُمْ عَقْلِيَّاتٌ يَخْتَصِمُونَ إِلَيْهَا وَيَخْتَصُّونَ بِهَا، فَلِلْفُرْسِ عَقْلِيَّاتٌ، وَلِلْهِنْدِ عَقْلِيَّاتٌ، وَلِلْمَجُوسِ عَقْلِيَّاتٌ، وَلِلصَّائِبَةِ عَقْلِيَّاتٌ، وَكُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الطَّوَائِفِ لَيْسُوا مُتَّفِقِينَ عَلَى الْعَقْلِيَّاتِ، بَلْ فِيهَا مِنَ الِاخْتِلَافِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْمُعْتَنِينَ بِهِ، وَنَحْنُ نُعْفِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الْمَعْقُولَاتِ وَاضْطِرَابِهَا وَنُحَاكِمُكُمْ إِلَى
1 / 173